موقع أمريكا في الشرق الأوسط يتدهور بشكل واضح
من الدول التي من الممكن أن تتعرض إلى خطر كبير أيضاً بعد الانحدار الأمريكي أفغانستان، وإلى ذلك يشير المؤلف إلى أن الدمار الذي تعرضت له خلال تسع سنوات من الحرب التي شنها الاتحاد السوفييتي، تجاهله الغرب بعد انسحاب السوفييت، وأساءت طالبان إدارته عندما استولت على السلطة بمساعدة من باكستان، وتعرّضت خلال رئاسة بوش إلى سبع سنوات من العمليات العسكرية الفاترة، والمساعدات الاقتصادية المتقطعة، وأفغانستان هي دولة تعيش في الفوضى، فهي تملك القليل من الإنتاج الاقتصادي من خلال تجارتها غير الشرعية في المخدرات، ومع نسبة بطالة تبلغ 40 في المئة، وتصنيفها العالمي هو 219 في النتائج المحلي الإجمالي لكل فرد، ومن 15-20 في المئة فقط من الأفغان تصلهم الكهرباء . وبالنسبة لوضع أفغانستان بعد الانحدار الأمريكي، ستحاول الدول المجاورة لها مد نفوذها عليها، خاصة في غياب حكومة مستقرة ومؤثّرة في كابول، ستكون البلاد في يد لوردات الحروب المتخاصمين . كما أن باكستان والهند ستتنافسان على فرض نفوذهما على نحو حازم، وربما إيران تشترك في هذه المنافسة أيضاً، وكنتيجة سيكون هناك احتمال نشوب حرب غير مباشرة بين الهند وباكستان، وإيران بدورها ستحاول استغلال الخصومة الهندية - الباكستانية للحصول على أكبر مكاسب لها . ولاشك في أن كلاً من الهند وإيران تشعران بالقلق من ازدياد النفوذ الباكستاني في أفغانستان، حيث سيؤثر ذلك بشكل حاد في توازن القوى الإقليمية . وكلما زاد التدخل الإقليمي في أفغانستان، كلما أصبحت ساحة أكبر للصراع . ولو أن الحكومة الأفغانية كانت قوية بما يكفي في وقت التهاوي الأمريكي، وتكون فيها السلطة أشبه ما تكون بمركزية، من المحتمل أن يحدث تجييش للعواطف الدينية والإثنية، وربما تعود طالبان إلى الظهور قوة معرقلة في أفغانستان، مع تلقي مساعدة من طالبان الباكستانية، وربما تتهاوى أفغانستان إلى دولة يحكمها لوردات الحروب والزعماء القبليون . وأفغانستان حينها يمكن أن تصبح لاعباً أكبر في تجارة المخدرات الدولية، وربما تصبح ملاذاً للإرهاب العالمي بقوة .
باكستان بعد الانحدار الأمريكي
في الوقت الذي أصبحت فيه باكستان مسلحة بأسلحة القرن الواحد والعشرين النووية، ويحرسها جيش محترف تشكّل في أواخر القرن العشرين، إلا أن غالبية شعبها، على الرغم من أن هناك طبقة متوسطة نشطة على الصعيد السياسي، لاتزال تحكمها بشكل كبير الانتماءات القبلية والإقليمية . كما أن العقيدة الإسلامية التي تجمعهم زودتهم بالنبض العاطفي لإنشاء دولة مستقلة عقب مغادرة البريطانيين الهند . ولعبت الصراعات الناتجة مع الهند دوراً في تعريف الحسّ الباكستاني بالانتماء القومي المنفصل، في حين دعم تقسيم كشمير عداءً عميقاً ومشتركاً بين كلّ من باكستان والهند . ويرى المؤلف أن عدم استقرار باكستان السياسيّ يكمن في قابليتها للتعرض للتهديد أو الهجوم . وسوف يخفف انحدار القوة الأمريكية من قدرة الولايات المتحدة على دعم التنمية والتطوير في باكستان، ويمكن لباكستان أن تتحول إلى دولة يديرها الجيش، أو دولة إسلامية راديكالية، أو دولة تجمع بين الحكم العسكري والإسلامي، أو “دولة” من دون حكومة مركزية على الإطلاق . ويرى أن السيناريو الأسوأ لباكستان هو أن تتحول إلى دولة محكومة بالاختلافات الشديدة بين لوردات الحروب المسلحين بالنووي، أو أن تتحوّل باكستان إلى حكومة إسلامية- فدائية ومعادية للغرب، أي شبيهة بحكومة إيران، وهذا السيناريو الأخير ربما يعدي بالمقابل آسيا الوسطى، بالتالي تولّد عدم استقرار إقليمي أكبر في ما يتعلق بكلّ من روسيا والصين .
وفي هذه الظروف، سيزيد الانحدار الأمريكي أيضاً من المخاوف الأمنية الصينية في ما يتعلق جنوب آسيا، ويمكن لها أن تكثّف الإغراءات الهندية بتقويض باكستان . استغلال الصين لأي صدامات بين باكستان والهند سوف يكون محتملاً أكثر، لذلك من الممكن توسيع عدم الاستقرار الإقليمي . وفي النهاية، أي شكل من السلام غير المستقر، أو أي شكل من صراع أكبر في المنطقة، سوف يعتمد تقريباً بشكل كامل على الدرجة التي يمكن لكل من الصين والهند أن تزيد اندفاعاتها القومية على نحو كبير لاستغلال عدم استقرار باكستان لكي تكسباً اليد العليا إقليمياً .
إسرائيل على صفيح من النار
يرى المؤلف أن الانحدار الأمريكي سوف يخلف عدم استقرار سياسي في منطقة الشرق الأوسط برمته، وكل الدول في المنطقة تبقى عرضة للضغوط الشعبية الداخلية، والفوضى الاجتماعية، والأصولية الدينية، ويشير إلى الأحداث التي نشأت في 2011 في الدول العربية، التي تعرضت لثورات شعبية ضد أنظمتها السياسية . ويرى أن الانحدار الأمريكي إذا ما تحقق، من دون أن تجد حلاً للصراع الفلسطيني- “الإسرائيلي”، فإن الجو السياسي في المنطقة سيلتهب على نحو أكثر، فضلاً عن أن العداء الإقليمي سوف يزداد على نحو كبير في المنطقة . ويرى أن الدول القوية في المنطقة خاصة “إسرائيل” وإيران، سوف تستبقان الأخطار المتوقعة . ويمكن في هذه الظروف أن يحدث عنف كبير على الصعيد المحلي، وأن تزداد الصدامات على نحو كبير، وتتحول إلى أكثر دموية، ويمكن أن تندلع انتفاضة فلسطينة جديدة، إذا ما انضمت إليها حركة حماس، أو حزب الله بدعم من إيران . ولا شك في أن “الكيانات” الهشة مثل لبنان وفلسطين، يمكن أن تدفع ثمناً باهظاً، تزهق جراءه أرواح الآلاف . ويمكن لمثل هذه الصراعات أن تزداد وتتصاعد على نحو أسوأ عبر الهجمات والهجمات المضادة بين إيران و”إسرائيل” .
وهذا التحول الأخير للأحداث يمكن أن يدفع بالولايات المتحدة إلى مواجهة مباشرة مع إيران، ولكن ليس بأسلوب الحرب التقليدية كما في العراق أو أفغانستان، بل ستعتمد على توجيه ضربات جوية إلى المراكز النووية داخل إيران، لتحلق ضرراً استراتيجياً بالغاً بها . وهذا سيزيد من العداء القومي الإيراني الممزوج بالأصولية الدينية تجاه الولايات المتحدة . ويرى المؤلف أن الراديكالية الإسلامية والتطرف سيتصاعدان في الشرق الأوسط على نحو كبير، ومن المحتمل أن يلحق هذا ضرراً بالغاً بالاقتصاد العالمي . ولاشك في هذه الظروف ستستفيد روسيا من ارتفاع أسعار الطاقة، وسياسياً من تمركز التجييش الراديكالي الإسلامي تجاه الولايات المتحدة، وابتعاده عن روسيا . وهنا تركيا ربما تصبح متعاطفة على نحو علني مع الشعور الإسلامي الذي يجسّد دور الضحية، وربما تطلق الصين يدها بحرية أكثر في السعي إلى مصالحها الشخصية في المنطقة .
أما في السياق الجيوسياسي، فيمكن لأمن “إسرائيل” أن يصبح في خطر . ومما لا شك فيه أن “إسرائيل” تملك القدرة العسكرية والإرادة الوطنية كي تبعد الأخطار المباشرة عن نفسها، وتقمع أيضاً الفلسطينيين، لكن الدعم الأمريكي السخي والطويل الأمد، المنبثق على نحو حقيقي من التزام أخلاقي، وعلى نحو أقل من الاتفاق الاستراتيجي الحقيقي، يمكن أن يصبح أقل موثوقية بحسب المؤلف .
تجاذبات القوة
يرى المؤلف أن العداءات في منطقة الشرق الأوسط ستزداد، ذلك أنه مع انحسار القوة الأمريكية في المنطقة، واستمرار إيران في بناء قوتها العسكرية، وسعيها إلى مد نفوذ أكبر لها في العراق، الذي كان قبل الغزو الأمريكي لها في ،2003 يشكل حصناً منيعاً يمنع المدّ الإيراني في المنطقة العربية، وربما يصبح للصين حضور أكبر، وذلك لحماية مصالحها الاقتصادية مع الدول العربية، التي يمكن أن تتعرض لأي اعتداء إيراني . ويشير المؤلف إلى أن الولايات المتحدة قبل خمسة وثلاثين عاماً كانت تستفيد من علاقاتها القوية مع أكثر الدول قوة في الشرق الأوسط: (مصر، إيران السعودية، تركيا) . إلا أن اليوم، يبدو أن العلاقات الأمريكية مع هذه الدول تمضي نحو الانحسار، ذلك أن علاقتها مع إيران، هي علاقة عدائية، والمملكة العربية السعودية تنتقد السياسة الأمريكية الناشئة في المنطقة، أما تركيا فتشعر بخيبة أمل من عدم الفهم الأمريكي لطموحاتها الإقليمية، والمذهب الشكوكي الصاعد لمصر في ما يتعلق بالعلاقة مع “إسرائيل”، يضعها على اختلاف مع الأوليات الأمريكية . باختصار بحسب المؤلف الموقع الأمريكي في الشرق الأوسط يتدهور بشكل واضح، والانحدار الأمريكي سوف ينهيه .
المشاعات العالمية
يتحدث المؤلف عن المشاعات العالمية، أي تلك المناطق التي تكون مشتركة بين كل الدول، ويمكن لها أن تنقسم إلى مجموعتين رئيستين من المخاوف العالمية: الاستراتيجية والبيئية . والمشاعات البيئية منها تتضمن البحر والجو والفضاء، ونطاقات الإنترنيت، بالإضافة إلى النطاق النووي، كما يخصّ التسليح العالمي المتحكم . وتتضمن المشاعات البيئية النتائج الجيوسياسية لإدارة موارد المياه، القطب الشمالي، وتغيّر المناخ العالمي . ويشير المؤلف إلى أن الولايات المتحدة كانت لديها الفرصة في السنوات الأخيرة، لتشكيل ما يسمى ب”النظام العالمي الجديد”، ذلك أن الولايات المتحدة كأي قيادة عالمية كان من الضروري لها أن تصلح وتحمي المشاعات العالمية، وقد كانت متحمسة أكثر من أية دولة في التاريخ البشري لإحراز التقدم والتنمية الإنسانية على مستوى البشرية . ويرى أن القوى العالمية الصاعدة اليوم مثل: (الصين، والهند، والبرازيل، وروسيا) تلعب دوراً متلاحماً أكثر في عملية الإدارة العالمية والإجماع الأوروبي - الأمريكي أو الروسي - الأمريكي الذي لايمكن أن يشير وحده بشكل فعال إلى قواعد المشاعات . وبرأيه، هؤلاء اللاعبون الصاعدون الجدد، على الرغم من بطئهم في الصعود، إلا أنهم يشكلون مجموعة إجماع عالمية أكبر في الحفاظ على أمن وإصلاح المشاعات العالمية . علاوة على ذلك، يبقى الاشتراك الأمريكي والقيادة المشتركة ضرورية لحلّ التحديات القديمة والجديدة .
ويجد المؤلف أن المشاعات العالمية ستكون على الأرجح من أكثر المناطق تأثراً جراء تغيّر مخطط القوة العالمية، كما أنها ترتبط بكل من النمو التدريجي في القدرات، ونشاط القوى الصاعدة مثل الصين والهند، والانحدار المحتمل للتفوق الأمريكي . ومعروف أن البحر والجو والفضاء والإنترنت يعد أمراً مركزياً للمصلحة الوطنية لكل بلد، والتي تتحكم بالجزء الأكبر منها الولايات المتحدة . وفي السنوات القادمة، ستكون هناك تنافس شديد وازدحام مع نمو وتوسع قوتها والطموحات القومية للدول الكبرى، وتبدد القيادة العالمية .
يجد المؤلف أنه مع انحدار الولايات المتحدة، سكون هناك أزمة ثقة في مصداقية المظلة النووية الأمريكية، فدول مثل كوريا الجنوبية، وتايوان، واليابان، وتركيا، وحتى “إسرائيل”، من بين الدول، التي تعتمد على قوة الردع الأمريكي النووي الكبيرة للحفاظ على أمنها . لكن إذا ما وجدت هذه الدول أن الظروف لم تعد ساعد الولايات المتحدة على حماية أمنها، ستضطر إلى اللجوء إلى مكان آخر للحفاظ على أمنها، وهذا “المكان الآخر” يمكن أن ينشأ من مصدرين: من امتلاك الأسلحة النووية أو من قوة الردع الكبيرة لدولة أخرى، وعلى الأغلب تكون إما روسيا أو الصين أو الهند .
كما يرى أن الانحدار الأمريكي سوف يعجّل بالتغيرات الدراماتيكية في النطاق النووي . وسوف يحدث سباق التسلح بين حلفاء الولايات المتحدة غير الآمنين وبين القوى الآسيوية الصاعدة . ونتيجة هذا التسليح الكبير سوف تقوض من الإدارة الواضحة للنطاق النووي، وتوسع من الخصومة بين الدول، وسوء التقدير، وربما في النهاية الإرهاب النووي الدولي .
تحديات جيوسياسية عالمية
يرى المؤلف أن العالم يواجه سلسلة من التحديات الجيوسياسية الجديدة التي جلبتها التغيرات الكبيرة في البيئة الفيزيائية . خاصة في ما يتعلق بإدارة المشاعات البيئية المتغيرة: الندرة المتنامية للمياه العذبة، وفتح القطب المتجمد الشمالي، والاحتباس الحراري، فكل هذه تتطلب إجماعاً عالمياً وتضحية من جميع الأطراف . والقيادة الأمريكية لا يمكنها وحدها أن تضمن التعاون والتنسيق بين الأطرف جميعها على هذه القضايا، لكن الانحدار الأمريكي سوف يقلل من إمكانية تحقيق اتفاقات تنسيقية على إدارة المصادر والبيئة . وبالتالي غياب الدور الأمريكي، الذي يجسّد رجل الشرطة العالمي، يمكن أن يخلق فرصة أكبر للقوى الصاعدة لاستغلال المشاعات البيئية لمنفعتها الاقتصادية، وبالتالي تزيد من فرص زيادة الصراع على المصادر، خاصة في آسيا، وبالتحديد بين دول مثل تركيا والعراق، وباكستان والهند، خاصة أن الأخيرتين شهدتا حروباً في السابق، ولازال الخلاف قائماً . كما أن الصين نتيجة العدد السكاني المتزايد والتطور الصناعي سوف يزداد طلبها على المياه، وهذا يمكن أن يدخلها في صراع مع الهند على منطقة شمالي شرقي الهند، حيث نهر براهمابوترا .
ولاشك في أن ذوبان جليد القطب الشمالي سوف يغير وجه التنافس العالمي على المصادر المهمة، خاصة بين الولايات المتحدة، وكندا، وروسيا، والدنمارك، والنروج، في ما يتعلق بحصصهم من النفط والغاز والمعادن، وهذا من شأنه أن يسبب تغيرات حادة في المشهد الجيوسياسي، خاصة لمصلحة روسيا، فهي تملك أكبر مساحة من الأرض والمصادر المحتملة في القطب الشمالي .
أما المكون الأخير في المشاعات البيئية فهو تغير المناخ العالمي الذي يحظى بتأثير جيوسياسي عالمي محتمل على نحو كبير . خاصة أن العلماء وصناع القرار سلطوا الضوء على النتائج الكارثية على الكوكب والبشرية، التي يمكن أن يسببها ارتفاع الحرارة بمقدار درجتين فقط على مدار القرن القادم، وستؤدي هذه النتائج الكارثية إلى انقراض أنواع حيوانية، وزيادة الهجرات البشرية، ومستويات العنف، وسينخفض مستوى التنمية الاقتصادية العالمية .
يرى المؤلف أن القيام بعمل شرعي على مستوى العالم، سوف يتطلب الكثير من التضحيات والتعاون الدولي، وهذا ما لا يلوح في الأفق . وتعتبر الولايات المتحدة أن تغير المناخ من المخاوف الخطرة، لكنها تفتقر إلى استراتيجية طويلة الأمد والتزام سياسي، ولقد ثبت ذلك في رفضها المصادقة على بروتوكول كيوتو في عام ،1997 والهزيمة المتكررة لتشريع من أجل تغير المناخ في الكونغرس، وكان هذا من شأنه أن يردع الدول الأخرى في المشاركة في اتفاق عالمي . وجدير بالذكر أن الولايات المتحدة هي ثاني أكبر دولة تخرج منها انبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكربون، وتعد الصين الأولى، بنسبة 20 في المئة من الانبعاثات على مستوى العالم .
ما بعد 2025: توازن جيوسياسي جديد
في القسم الرابع من الكتاب بعنوان “ما بعد 2025: توازن جيوسياسي جديد” يرى المؤلف أن استمرار الولايات المتحدة العالمي في العقود القادمة سوف يعتمد على تنفيذها الناجح للجهود المثمرة في تجاوز انجرافها نحو الزوال السوسيواقتصادي، وتشكيل توازن جيوسياسي جديد ومستقر على أوراسيا، القارة الأكثر أهمية على مستوى العالم .
يرى بريجنسكي أن مستقبل أمريكا في يد الشعب الأمريكي . ويمكن لأمريكا أن ترفع مستوى ظروفها المحلية وتعيد تعريف دورها العالمي المحوري في البقاء مع الهدف الجديد، والظروف المتعلقة بالقرن الواحد والعشرين . ويرى أنه لكي تحقق هذا، من الضروري للولايات المتحدة أن تقوم بجهد وطني لتعزيز فهم العامة للظروف العالمية المتغيرة والخطرة . ويجد أن الأصول الأمريكية الكامنة، لا تزال تبرّر التفاؤل الحذر من أن مثل هذا التجديد يمكن أن يفنّد تشخيص انحدار أمريكا غير القابل للنقض واللاعلاقيّة العالمية، لكن الجهل العام للحساسية الشاملة المتنامية تجاه النهوض الخارجي والمحلي للولايات المتحدة يجب أن تجري معالجته بتأنٍّ من الأعلى إلى الأسفل .
وفي خاتمته يشير إلى أن أهمية الدور الأمريكي في آسيا الذي يجده ليس فقط لتعزيز الاستقرار في المنطقة بل، أكثر من ذلك، بل لخلق ظروف يمكن للعلاقات الصينية-الأمريكية أن تتطور فيها على نحو سلمي ومتعاون، وفي النهاية ترقى إلى مستوى الشراكة العالمية الاقتصادية والسياسية . ويرى المؤلف أن العلاقات بين روسيا والصين ربما تصبح اختباراً قاسياً على قدرة القارة الأوراسية الأكثر ديناميكية من الناحية الاقتصادية، وكذلك الأكثر سكاناً، من أن تدمج نجاحها على الصعيد المحلي بالاستقرار الإقليمي .
ويبين المؤلف في النهاية أن الولايات المتحدة أثبتت على مدى تاريخها أنها ترقى إلى مستويات التحديات التي تواجهها، إلا أن العالم في القرن الواحد والعشرين يقدم تحديات مختلفة عن تلك التحديات التي واجهتها في الماضي . ذلك أن العالم في كل رقعة منه يشهد صحوة سياسية، ولا تكف الشعوب عن سعيها إلى تأمين حياة ومستقبل أفضل، وفي ذات الوقت يشهد هذا العالم تبدد القوة العالمية في ظل صعود دول آسيوية طامحة على نحو سريع . ويؤكد في النهاية أن استقرار النظام العالمي يعتمد على تجديد الولايات المتحدة نفسها، والتصرف بحكمة في تعزيز وضمان تنشيط الغرب وإنعاشه . وفي الوقت ذاته، العمل على خلق توازن ومصالحة في الشرق الصاعد .