تعد
الحيوية الثقافية-الحضارية من أبرز المعايير المعاصرة لقياس القدرة على
التقدم المتواصل، وحتى وقت قريب كانت الأقطار العربية على وجه العموم
تتميز بالقيم الثقافية الإيجابية بما فيها التسامح وعمق مشاعر الخير
وكراهية العنف والترابط الأسري والتدين السامي والتكافل والتلاحم
الاجتماعي، بيد أن هذه القيم تعرضت في الربع الأخير من القرن العشرين لنوع
من الخلخلة العنيفة التي أثرت سلبا على التلاحم الاجتماعي التقليدي
والتسامح الديني والثقافي وتماسك النسيج الاجتماعي في انتشار مظاهر الفتنة
الطائفية والتعصب والجمود والتطرف الديني والثقافي مما أسهم في إضعاف
المناعة الذاتية والاستقرار الاجتماعي في الدخل ومن السمعة والمكانة في
الخارج وبالطبع إضعاف الإرادة على تحقيق التقدم إلى جانب جمود التطور
السياسي وتغول النظم السلطوية العربية الحاكمة على المجتمع، هذا فضلا عن
أن الأقطار العربية لم تعترف حتى الآن بأن العلم والتكنولوجيا عنصران
أساسيان من عناصر الثقافة، ومايزال الواقع الثقافي العربي الراهن يعيش
حالة من الثنائية بين التقليدي والعصري حيث تجري تقليد الحداثة الغربية
بشكل استهلاكي محض وفي الوقت نفسه توجد مرجعية عربية إسلامية من القرون
الوسطى تحكم رؤية العرب للعالم مما أضعف الاستقلال الثقافي إزاء موجات
الاختراق الثقافي. ففي مجال التعليم مثلا يذكر تقرير تعليم الأمة العربية
في القرن الحادي والعشرين "الكارثة والأمل" والصادر عن منتدى الفكر
العربي، عمان، 1991 أن نمط التعليم والتربية العربية أدى دورا مدمرا في
الحياة العربية في القرن العشرين ضد التحضير والتنوير ومن ذلك تكريس
العزلة الحضارية وقهر العقلانية وإبعادها عن ساحة التعامل مع مشاكل الحياة
ومع النفس وكذلك تقليص قيمة الإنسان العربي، يمكن مقارة نسبة القيد
الإجمالية في التعليم الأولي والثانوي والعالي بين إسرائيل والدول العربية
كالتالي:
بلغت هذه النسبة في إسرائيل ما لا يقل عن 98% للذكور و95% للإناث.
بلغت في مصر 77% للذكور و66% للإناث.
بلغت في سوريا 63% للذكور و56% للإناث.
وصلت في السعودية 58% و54% على التوالي.
نسبة القيد في كليات العلوم
وهناك مقياس آخر وهو نسبة
القيد في كليات العلوم كنسبة مئوية من إجمالي التعليم العالي والمقارنة
بين إسرائيل والعرب حسب إحصاءات عام 1998 كالتالي:
بلغت في إسرائيل ما لا يقل عن 35%.
لم تزد في مصر عن 15%.
بلغت في السعودية 18%.
وصلت في الأردن إلى 17%.
في الإمارات زادت إلى 27%.
لم تتفوق على إسرائيل سوى البحرين بنسبة 39%.
بلغت النسبة في سوريا 31%.
في لبنان 23% ولا يقل المعدل العالمي عن 35% فقد بلغ في كوريا الجنوبية 48%.
نسبة التسرب من التعليم
تعاني الدول العربية أيضا من
ظاهرة التسرب من التعليم ويقاس عدد الذين يصلون إلى الصف الرابع الابتدائي
كنسبة من مجموع من هم في سن التعليم كمعيار لتطور الموارد البشرية وكمقياس
للتنمية البشرية.
بلغت النسبة في إسرائيل 98% للذكور 97% للإناث.
بلغت في مصر ما لا يزيد عن 60% للذكور وللإناث 50%.
وبلغت في سوريا 94% كمتوسط للذكور والإناث.
لم تزد في المغرب عن 75%.
في السعودية بلغت 89%.
لم تتفوق على إسرائيل إلا الأردن بنسبة 98%.
الإنفاق على التعليم
هناك مؤشر الإنفاق على
التعليم العالي كنسبة مئوية من جميع المراحل الدراسية فقد بلغ بالنسبة
لإسرائيل أكثر من 40%، وفي مصر الرقم ليس محددا أما في سوريا فقد وصل إلى
25.9% في حين بلغت النسبة في الأردن 33%.
التكنولوجيا المتقدمة
وفي مجال تقويم مدى استيعاب الأقطار العربية للتكنولوجيا المتقدمة
والمعقدة والتي تتطلب باستمرار تطورا في مجالات التخصص الدقيق نظرا لأهمية
التكنولوجيا من الناحية الاقتصادية، إذ تتعلق بترشيد استخدام التكنولوجيا
بالقدرة على استيعابها ومن حيث التوزيع المهني للقوى العربية العاملة
نلاحظ أنه يعاني من اختلال واضح، إذ تبلغ نسبة العمال اليدويين كمتوسط ما
لا يقل عن 70% من مجموع القوى العاملة العربية ولا تزيد نسبة الفنيين
والاختصاصيين عن 9% فقط بينما تشكل هذه النسبة في إسرائيل أكثر من 35%،
بينما تصل النسبة في الدول المتقدمة إلى ما بين 20 إلى 35% ولا تزال
العمالة غير الماهرة تشكل نسبة مرتفعة في الأقطار العربية إذ لا تقل عن
40% من قوة العمل العربية بينما لا تتجاوز العمالة الماهرة 19% ولا تزيد
نسبة العمالة المهنية عن 16% بينما لا تقل الأخيرة في إسرائيل عن 30%. وقد
تمكنت إسرائيل من دول عصر الفضاء من خلال امتلاك الموارد البشرية الماهرة
والهيئات المتخصصة في هذا المجال وبالطبع استفادت إسرائيل من التحالف
الإستراتيجي مع الولايات المتحدة في هذا الصدد، ولكن ذلك لا ينفي أن
إسرائيل خططت لإنتاج قمر صناعي منذ أواخر الخمسينيات وهذا ما يتضح من
دراسة الهيئات الإسرائيلية المتخصصة وهي على النحو التالي:
اللجنة
القومية الإسرائيلية لأبحاث الفضاء التي أسست عام 1959 بعد عامين فقط من
إطلاق أول قمر فضاء سوفياتي وقامت في عام 1961 بإطلاق صاروخ (شافيت1
وشافيت2) بمعونة فرنسية وقد حمل معدات للرصد الجوي بارتفاع 80 كيلومترا
ورفضت إسرائيل الاستعانة بالأقمار الغربية الجاهزة بعد عام 1967 لصالح
إنتاج قمر صناعي إسرائيلي.
الوكالة الفضائية لاستغلال الفضاء (سالا) أسست عام
1983 كهيئة تابعة لوزارة العلوم والتطوير وتكونت من خمس لجان (لجنة
الملاحة والتعليم، لجنة الملاحة الفضائية، لجنة العلاقات الخارجية، لجنة
البنى التحتية الفضائية، لجنة التطبيقات الصناعية) وكان الهدف هو تشييد
بنية تحتية صناعية وعلمية لاستغلال الفضاء ليعود بالرخاء على الدولة
وسكانها وفي ذلك أنشأت إسرائيل محطة إطلاق وتجارب سرية أنشئت في
السبعينيات على شواطئ البحر المتوسط وتمكنت هذه الوكالة من إقامة علاقات
عمل قوية وتبادل أشكال التعاون العلمي والتقني مع كل من:
وكالة الفضاء الأميركية- ناسا.
وكالة الفضاء الأوروبية- آيا.
المركز القومي الفرنسي لأبحاث الفضاء.
مركز الفضاء الألماني الغربي.
وكالة الفضاء اليابانية.
وتجلت مظاهر استفادة إسرائيل الهائلة من التعاون مع وكالة ناسا الأميركية
في سماحها للوكالة الإسرائيلية بالاستفادة من المعلومات الواردة عبر
التلسكوب الفضائي الأميركي كما ساعدتها في صناعة الصواريخ التي حملت القمر
الصناعي (أوفك) وذلك بمدها لأجهزة التوجيه والمستشعرات والجيروسكوبات
وغيرها. وقد أطلقت إسرائيل حتى الآن أربعة أقمار هي: (أوفك 1، أوفك 2،
أوفك 3، أوفك 4) ويقوم الأخيران من خلال معدات تشغيل أنظمة الاستطلاع وجمع
المعلومات والتجسس البصرية والتنصت المتطورة بهدف التجسس على مصر وإيران
والعراق وسوريا والأردن والقمر الرابع خاصة يقوم ببث الإرسال التلفزيوني
والمكالمات الهاتفية وعقد المؤتمرات على الهواء مباشرة ونقل المعلومات بين
أجهزة الكمبيوتر، ونقل الخرائط والمخططات المصورة، وقد شارك أول رائد فضاء
إسرائيلي مع رواد الفضاء الأميركيين في رحلة فضاء مشتركة لسفينة الفضاء
كولومبيا لكنها لم تتم حتى الآن.