الزهار ودحلان... المواجهة التي قلبت موازين الفكر
------------------------
بقلم / يوسف صادق
محمد دحلان ومحمود الزهار.. شخصيتان لهما ثقلهما في الوضع الراهن.. يختلف الكثيرون حولهما.. فدحلان يعتبره مناصرو حركة حماس أنه رمز أو رأس الفساد.. في حين يعتبرون أنصار حركة فتح الزهار هو مدبر الإنقلاب في غزة.. كيف أثرت تلك الشخصيتين على المجتمع الفلسطيني.. وعلى ماذا يختلفون كونهما فلسطينيين هدفهما من المفترض تحرير فلسطيني والمسجد الأقصى، ويجمعهما نفس الثوابت التي لا تنازل عنها منذ احتلال أرضنا من قبل إسرائيل المرتزقة..
لأن الدكتور محمود الزهار أكبر سناً من محمد دحلان، كان لا بد من تقديمه أولاً في هذا التقرير، بالإضافة لأن حركته الآن 'حماس' أصبحت محط أنظار المجتمعين العربي والدولي، ناهيك عن الوضع المحلي.
الدكتور محمود الزهار، كان من أوائل مؤسسي حركة المقاومة الإسلامية حماس في وقت كان اليسار الفلسطيني هو المنافس التقليدي لحركة فتح التي تتخذ من العلمانية أسلوباً في الصراع مع الإحتلال الإسرائيلي على مدى أكثر من أربعين عاماً، تخللتها منعطفات خطيرة أثناء حروبها في أكثر من جبهة.. وهو الوحيد 'الزهار'، أظنه كذلك، المواطن من بين القيادات الهامة الموجودة في حركة حماس في الوقت الحالي..اعتقل على أيدي قوات الإحتلال الإسرائيلية، ثم أُبعد لمرج الزهور أبان الإنتفاضة الأولى، وعاد ليزيد صلابةً وقوة..
عانى الدكتور الزهار مثلما سمعت في أحداث عام 1996 عندما حاولت حركة حماس أن تُسقط المشروع الوطني المتمثل بإتفاقية أوسلو من خلال العمليات الإستشهادية التي كانت في قلب المدن الإسرائيلية، حيث يُقال أن الجهاز الذي إعتقله، وأظنه ليس جهاز الأمن الوقائي، حلق لحيته وحواجبه، ومارس أنواع من العذاب النفسي والجسدي عليه.
دخلت حماس في معادلة إنتفاضة الأقصى بعد أشهر من بدأها، وأعطت زخماً لا يضاهى مثلها مثل حركة فتح والجهاد الإسلامي والجبهتين 'الشعبية والديمقراطية' من خلال عمليات نوعية أسقطت مفاهيم كثيرة وهالة كانت المخابرات الإسرائيلية تحيط نفسها بتلك الأوهام.. فيما أصبح الدكتور الزهار سيد الموقف والكلمة في حماس بعد إستشهاد مؤسسها الشيخ الشهيد احمد ياسين، ولحق به أسد فلسطين الدكتور عبد العزيز الرنتيسي.
وبعد فوز حماس في الإنتخابات التشريعية بشكل أذهل المجتمع الدولي، الذي أصبح يتخبط سياسياً بهذا النصر الغير متوقع بتاتاً.. أُعتبر الزهار دينامو 'المحرك الأساسي' لهذا الفوز.. وحتى بعد الحسم العسكري في غزة، زاد الزهار من إعلاء إسمه وبان حقيقة قيادته للحركة الإسلامية من خلال شعور المواطن بأن مفتاح الحل المعقد في غزة بيد هذا الرجل، وليس بيد خالد مشعل كما يقول الكثيرين.
في المقابل، كان هناك محمد دحلان القيادي الأول في حركة فتح مناصفة مع الأسير الحالي في سجون الإحتلال الإسرائيلية القيادي مروان البرغوثي.. شاب ظهر إسمه مع الإحداث الدامية بالجنازير والعصي في حرم الجامعة الإسلامية في غزة مع بداية الثمانينات من القرن الماضي.. فقد كان من مؤسسي الشبيبة الفتحاوية.. أُعتقل على أيدي قوات الإحتلال الإسرائيلي مع بداية الإنتفاضة الأولى، ثم أُبعد إلى الخارج نظراً لتأثيره الشديد على عقول الشباب الفلسطيني، خاصة وانه يملك مفاتيح الإقناع القوي في دخول الجيل الشاب للجناح العسكري في حركة فتح.
ما يدعم كلامنا وكلام العديد من المحللين السياسيين حول هذا الرجل في هذا السياق، أن الرئيس الشهيد أبو عمار كلفه شؤون الداخل في فلسطين، فكانت كل صغيرة وكبيرة بيد دحلان، حتى يُقال أنه كان يقول للرئيس أبو عمار غدا صباحاً ستكون عملية ضد الإحتلال الإسرائيلي، وهو ما يتم تنفيذه في الصباح.. فزادت ثقة الرئيس في هذا الرجل، ولذلك أمسكه الملف الأمني في قطاع غزة عند العودة بعد إتفاقية أوسلو..
دخل دحلان ومعه أصدقاء له كانوا يعملون في مجموعات في الداخل الفلسطيني، كوَن معهم جهاز إسمه 'الأمن الوقائي' وهو يعني بالشأن الداخلي، فتحمل هذا الجهاز عبء المشروع الوطني الفلسطيني، لذلك كان أول من تصدر إعتقال أفراد من حركتي حماس والجهاد الإسلامي بالإضافة لباقي الأجهزة الأمنية، لحماية هذا المشروع الذي يعُد في نظر كل من وافق عليه، لبنة الدولة الفلسطينية... في المقابل كان العكس تماما في حركة حماس، فهي إعتبرته خيانة وتصفية للقضية الفلسطينية.
لا يختلف إثنان في حركة حماس على أن الدكتور محمود الزهار هو حامي المشروع الإسلامي بعد الله ومن ثم بعد إستشهاد الزعيمين ياسين والرنتيسي، وأيضاً لا يختلف إثنان من حركة فتح على أن محمد دحلان إخترق جدار الحرس القديم في فتح، في محاولة منه لتجديد الدم الفتحاوي، إلا أن البعض كان متحفظاً على أسلوب العمل.
قيل أن حماس إنتصرت عسكرياً في غزة على أنصار حركة فتح، المقصود هنا أنصار القيادي محمد دحلان.. وهو ما تؤكده حماس بإستمرار في بياناتها من خلال قيادييها، وهو ما يعني أن دحلان كان يُشكل لهم حجر عثرة، حتى قال المفكرين عن هذا الرجل أن يساوي فتح في المعادلة الحسابية العملية.
إذا إعتبرنا أن حماس تحمل فكراً إسلامياً عظيما سيصل بنا لدولة إسلامية حرة في حدودها وإقتصادها وبحرها وعلمها وهويتها وتجارتها وعلاقاتها مع الجيران والمجتمع الدولي، ولها كيانها وشخصيتها وإحترامها وإحترام مواطنيها في البلدان المختلفة... فلماذا إذاً يختلف الفتحاويون مع توجهات الدكتور الزهار..!؟
وإن كان حركة فتح ستجلب لنا دولة من خلال المفاوضات تكون قادرة على الحياة وتحفظ حدودها وإقتصادها وبحرها وأمنها، ولها شخصيتها وإحترامها وإحترام مواطنيها في البلدان المختلفة.. فلماذا إذاً يختلف الحمساويون على توجهات القيادي محمد دحلان..!؟
الموضوع للنقاش