الفكر العسكري الصهيوني
<hr style="color: rgb(196, 207, 228);" size="1">
بقلم الكاتب الصهيوني / ريئوفين بدهتسور و دافيد شيك :
الدخول إلى القرن الحادي و العشرين و
إلى الميدان الحربي البحري المستقبلي يستدعي مفهوم أمنياًَ جديداً ، يشمل
في مراحله تغيير غاية سلاح البحرية . و مجمل المخاطر ضد دولة (إسرائيل) من
البحر (إطلاق نار من وراء الأفق) و من البحر (صواريخ أرض - أرض) مع غياب
العمق الاستراتيجي البري الذي يزيد من خطر صواريخ أرض - أرض ضد البنى
التحتية و مراكز القيادة و السيطرة ، كل ذلك يخفي أهمية العمق الاستراتيجي
البحري التي يتفوق فيها سلاح الجو من حيث سرعة الحركة و القدرة على البقاء
.
ولكن التفوق البحري (الإسرائيلي) في
الحوض الشرقي من البحر المتوسط يعاني من الخطر نتيجة لتعاظم قوة الأسطول
العربي ، الأمر الذي يشكّل خطرا أيضا على خطط (إسرائيل) لاستخدام العمق
البحري الاستراتيجي "كضربة ثانية" تحسن قوة الردع (الإسرائيلية) . في هذه
المقالة سنحاول تحليل ميزان القوى بين سلاح البحرية و الأسطول العربي ، و
مبنى القوة البحرية (الإسرائيلية) و القدرة المطلوبة للميدان البحري
المستقبلي و التهديدات الاستراتيجية على دولة (إسرائيل) التي تستدعي الدمج
الكامل لسلاح البحرية في المفهوم الاستراتيجي الجديد كرد على هذه
التهديدات .
(إسرائيل) من الناحية الجيو – استراتيجية :
تقع (إسرائيل) في الأطراف البعيدة
لطرق بحرية طولية في بحرين : البحر المتوسط و البحر الأحمر . المسارات
الاستراتيجية في البحر المتوسط يمكن قطعها من نقاط كثيرة ، فيما يمكن قطع
المسارات من البحر الأحمر بسهولة من باب المندب و جنوب سيناء من مداخل
خليجي السويس و إيلات . في البحر المتوسط (إسرائيل) محبوسة بين البحر من
الشمال و الجنوب و قبالة مجال مياه من الغرب .
من ناحية جيو - سياسية تشبه (إسرائيل) جزيرة : محاطة بالبر من قبل دولٍ معادية في الوقت الذي مخرجها الوحيد الحر هو البحر .
الحصار البحري :
الميزة البرية لـ (إسرائيل) و
ارتباطها بالأسواق الخارجية و خاصة في مصادر الطاقة جعلت منها أكثر عرضة
للضرر من إغلاق الطرق البحرية . لذلك منذ تأسيسها كانت (إسرائيل) حساسة
جداً لإمكانية قطع المسالك البحرية و ساد الإحساس بالحصار بحيث لم يكن سوى
منفذ صغير في طوق الحصار ، و هذا المنفذ خاضع أيضا لسيطرة دول معادية (رغم
أن إحداها تقيم علاقات "سلام باردة و مشحونة" مع "إسرائيل") .
ثمة ثلاثة اتجاهات إصابة محتملة في الملاحة (الإسرائيلية) :
أ- الملاحة في قناة السويس التي رغم أنها مسلك دولي إلا أنها موجودة كلها تحت السيادة المصرية .
ب- مضائق تيران المسيطرة على مداخل خليج إيلات .
جـ- العرقلة في الملاحة في البحر المتوسط .
مسلك الملاحة الدولية الذي يمر بين
مجالين بحريين يصعب على تشخيص الأوساط التي تتحرك به و ميولها . و ذلك على
ضوء موقع قبرص الواقعة على المسار و على مقربة نسبية من (إسرائيل) . مقابل
ذلك ، ثمة للأوساط التي تتحرك في المسار الدولي قدرة مريحة للوصول إلى
شواطئ (إسرائيل) و المواقع على طولها . و المجالات البحرية تمكّن كل
الأوساط من التنقل بدون عقبة و إزعاج و حتى الاقتراب إلى مجالات قريبة من
شواطئ دولة (إسرائيل) .
والحدود البحرية ذات السيادة أقل
بكثير من مدى السلاح و الاستخبارات و الاتصالات و الرقابة . من هذه
الناحية فإن دول شمالي أفريقيا المعادية هي دول مواجهة مباشرة في البحر .
و المدى بين مجالات البحر التي تطوّق (إسرائيل) و بين شواطئ البلاد قصيرة
و تمكن الوصول لغرض المس بشواطئ (إسرائيل) أو في الملاحة الحيوية لـ
(إسرائيل) خلال فترة زمنية أقصر من ليلة واحدة .
ثمة للعدو عدد كبير من المراسي و
الموانئ يستطيع منها أن ينشر و يوزّع قواته و يدافع عنها و يحميها ، و
يصعب على سلاح البحرية (الإسرائيلي) وقت الضرورة من أجل شرذمة قواته و
المس بها . ثمة بحوزة (إسرائيل) في البحر المتوسط ميناءان فقط بحيث يمكن
في حيفا فقط تعزيز القوة الأساسية . و البحر المتوسط هو الميدان البحري
الحيوي لدولة (إسرائيل) سواء بسبب انتشار القاعدة الاستراتيجية لـ
(إسرائيل) على ضوء شواطئها أو لكون هذا البحر مسار النقل الحيوي للدولة .
باستثناء فترة قصيرة من عواصف الشتاء ، أو المناطق المحدودة مثل منطقة
المضائق شمالي البحر الأحمر ، فإن البحر المتوسط و البحر الأحمر يتمتعان
معظم أيام السنة بأحوال جوية معتدلة نسبياً تمكّن من الملاحة و القتال .
البحر المتوسط يشكّل مجالاً مريحاً لعمل الغواصات . حيث إن ميلان الشاطئ
البري و عمق المراسي يمكّن توجهاً مريحاً و قريبا إلى مداخل الموانئ لغرض
وضع الألغام و الكمائن .
الساحة البحرية منقسمة من ناحية (إسرائيل) و القوى العاملة بها إلى ثلاثة أنواع :
أ- أسطول مواجهة مباشر .
ب- أسطول مواجهة غير مباشر .
جـ - أسطول قوى عظمى و دول توجد في المنطقة و لكنها ليست في مواجهة مباشرة مع (إسرائيل) .
الموقع المركزي لـ (إسرائيل) بين
سوريا و مصر يمكّنها من تركيز الجهد في النقاط الاستراتيجي و التحرك لأجل
ذلك في "الخطوة الداخلية" . من الناحية الاستراتيجية فإن ساحة الجهد
الأساسية هي شرقي البحر المتوسط - من كريتم (و في مناطق "حياة حيوية") و
في البحر الأحمر من حدود السودان – مصر . ساحة الجهد الثانوية هي مركز
البحر المتوسط بين منطقة كريتم إلى سيتسيليا ، و في البحر الأحمر - جنوب
البحر الأحمر حتى حدود السودان - مصر .
في البحر المتوسط ثمة إمكانية للقتال ضد دول الأطراف مثل ليبيا و الجزائر في إحدى الحالتين :
أ- إرسال قوات بحرية جزائرية و/أو ليبية ودمجها في الاسطول المصري والحرب البحرية.
ب- تقديم حماية صاروخية من الأسطول
الجزائري و / أو الليبي لقوة سد بحرية ، عبر قناة السويس في وقت قصير
نسبياً ، يكون على صلة أيضا بنشاطات الأسطول المصري في البحر المتوسط .
لذلك ، فإن ترسانة أسطول الدول العربية يجب أن ينظر إليها كأسطول لعدوٍ
واحد يجب مواجهته أثناء الحرب .