في نفس الوقت تقريبا ... الاسكندريه .... شاطئ المعمورة
رغم عدم بدء
موسم المصيف بعد ، الا ان شاطئ المعمورة لم يكن خاليا ، فقد شق عدد لا بأس
به من الشباب والفتيات طريقهم الي حيث الرمال الساخنه والمياة الساحرة ،
حيث لا يهمهم غير شئ واحد فقط الا وهو الاستمتاع بوقتهم لأقصي حد ممكن ،
فمن المعروف ان شواطئ المعمورة كانت ولفترة طويله هي المصيف الرسمي الخاص
بالطبقه المترفه من الشعب ، هذه الطبقه التي تشق طريقها تجاة البحر فور
انتهاء الدراسه، وتلقي بهموم وأحزان عام مضي في قلب الامواج العاليه
لتبتلعها الي الابد أو تدفنها في رمال الشواطئ ، لتعود بعد ذلك متجددة النشاط ممتلئه حماس لعام أخر مقبل
ورغم ان هذه
الطبقه لم تكن تشكل أي نسبه من شعب مصر المكافح الصبور ، الا ان تأثير هذه
الطبقه كان يمتد الي فئات أخري كثيرة ، فئات أصبحت تتمني أن تعيش ولو يوما
علي البحر بمثل ما تعيش هذه الطبقه ، تعيش ويكون لها القدرة علي نسيان
هموم أحزان عام مضي بل وتقبل علي عام أخر بلا قلق .
لذلك تجد الشباب والفتيات من ابناء هذه الطبقه المترفه
يندفعون اندفاعا نحو التمتع بكل ما في المصيف من متع ولهو ولعب وتحرر بلا
مبالاه ، فالفتيات بلباس البحر المثير تلهو علي الشاطئ وفي الماء وسط
الشباب بلا أي قيود او عادات قد تمنع ذلك ، ولا مانع من ان تجد شاب وفتاة
في عناق حار خلف أحد الاشجار .
ومن بين هذا
الجو الممتع نجد شابا يستند علي احد الاشجار بلباس البحر لابسا نظارة شمس
سوداء مستحيل أن تعرف من خلالها أين ينظر هذا الفتي ، أمسك الفتي بمجله
يتصفحها بدون اي أكتراث لما يحدث علي الشاطئ من صخب وضحك ولعب ،
لفت انتباهه منظر فترك المجله لحظه ، شاب وفتاة يمشيان علي الشاطئ وقد تعلق كل منهما بيد الاخر في حب، لم يكن بهذا المنظر مايلفت انتباه أحدا اخر لكن ظهرت
ابتسامه سخريه علي وجهه عندما ميز هذه الفتاة ، أنها لبني صديقته السابقه
والتي أمضي معها الصيف الماضي وكانا يمشيان علي نفس الشاطئ بنفس الطريقه
التي تمشي بها لبني الان مع هذا الشاب ، هكذا هو الصيف في المعمورة ، فكل
صيف يجد هو لنفسه فتاة يمضي معها اجازته الصيفيه التي لا تزيد عن شهر ، ثم
يعود لعالمه وتعود هي لعالمها وتنتهي العلاقه أو الصداقه علي هذا الوضع ،
فكر الفتي قليلا هل لبني رقم ثمانيه أو تسعه من بنات الصيف ، هكذا أحب أن
يسميهم ، ربما تكون التاسعه لكن لابد له من العودة الي مفكرته التي يحتفظ
فيها بكل بيانات الفتيات التي عرفهم ، لم تكن لبني متميزة بأي حال من
الاحوال عن باقي الفتيات التي عرفهم من قبل ولن تكون أي فتاة متميزة عن اي فتاة أخري طالما ان العلاقه لن تخرج عن حدود الصداقه واللهو والذي لا يتعدي حدود معينه تبقيه حرا طليقا في دنيا العزوبيه ،اعاد الفتي النظر الي المجله محاولا التركيز في قصه لاجاثا كريستي دأب علي متابعه حلقاتها ،..........
بعد ثوان سمع صوتا من بعيد ينادي عليه ((هاي طارق........طارق )) أنتبه طارق الي صوتتلك
الفتاة التي تنادي عليه من داخل المياة ، (( اه انها سوسن ياللمصيبه ماذا
تريد هذه الفتاة )) هكذا ردد طارق في ذهنه متكدرا عندما لمح تلك الفتاة
الرائعه الجمال الشقراء الشعر وهي تنادي عليه من داخل المياة تشير اليه
بالدخول معها الي الماء ،مر شريط سريع من الذكريات علي مخيله طارق ، فهذه
الفتاة الفائقه الجمال بها كل المواصفات التي تجعل من نصف رجال البلد تجري
ورائها طالبه منها نظرة أو كلمه ،
فلديها من الجمال والمال
ما يجعل لعاب الرجال يسيل ورائها، لقد أمضي طارق معها وقتا مميزا منذ ثلاث
سنوات تقريبا وقتها كان قد تخرج من الكليه الجويه حديثا ، لكن تفكير
الفتاة لم يتماشيمعه
، فكل ما يشغل تفكيرها هو النادي والبحر وأصدقائها والسهر الخ الخ .....
لكن لا هدف حقيقي لها من الحياة الا العيش بالطول والعرض وإنفاق أكبر
مبالغ ممكنه في اللهو والمتعه ، وليس لها صديق حقيقي إنما كل من حولها هم
من جماعه المنتفعين بثروتها ونفوذ والداها ، فكل
ما يريدونه هو الانتفاع منها ، وهي تعلم ذلك وصارحت طارق به ذات مرة ،
وأخبرته بأنها معجبه بكل المنافقين الذين حولها والذين لا يقولون لها الا
ما تريد أن تسمعه وأن تصرفاتها دائما هي الصواب ،أماهو فلديه ما يكفي من الاصدقاء الحقيقين الذين يهتمون به ويهتم هو بهم حقا فأثر الابتعاد عنها ، لكن الاثر الحقيقي الوحيد الذي ظل باقيا منها انها (( بنت جدعه، تجدها وقت الشدة ويمكن الاعتماد عليها )) وعلي هذا المستوي ظلت الصداقه بينهما ، وطالما حاولت هي ان تتقرب منه وتخيط حوله خيوطها ، لكنه كان متمسكا بالافلات منها .
مر هذا الشريط
في مخيله طارق سريعا ثم أستجاب لندائها فخلع نظارته ووضعها بحرص فوق
المجله وأسرع جاريا الي المياة الدافئه وغطس في الماء وبسرعه ومهاره
وفي ثوان كان بجوارها حيث تقف بادرته صائحه (( إيه يا طارق منزلتش الميه
ليه من بدري؟ ، الميه تجنن )) كان صوتها عذبا جدا في أذنه ، لكنه عاد وذكر
نفسه بانها سوسن وهو يعلم انه قد فرض حظرا مع نفسه علي سوسن فممنوع
الاقتراب منها الا لحد معين، ولابد الا يدع صوتها العذب يؤثر في دفاعاته.
رد طارق(( كنت
بقرأ قصه لاجاثا كريستى وكنت ناوي أنزل بعد ما أخلصها )) ثم التفت حوله في
الماء وتساءل (( إمال فين شلتك ؟)) ردت وهي تطوق بأحد
ذراعيها عنقه (( هايوصلوا النهاردة بليل ....... انا بعت لهم عربيه
بالسواق علشان يجيب مجموعه منهم والباقي هيوصل بالقطر))، لاحظ عمر إنها
تحاول أن تلصق جسدها بجسدة ، حاول التملص لكنه لم يستطع .
وفجأة وبدون
مقدمات صاحت في ذعر (( أمسكني يا طارق .. انا رجلي فيها شد )) وطوقت بكلتا
زراعيها عنق طارق ، أرتبك طارق من ذلك التصرف المفاجئ منها ، فأمسك كتفيها
بذراعيه القويتين محاولا إخراجها من الماء لكنها رفضت الخروج واخبرته بان
الشد سيزول سريعا كل ما عليه أن يمسك بها ويقف ساكنا لثوان ، لم يكن طارق
طفلا تنطلي عليه هذه الحركات لكنه شك للحظه أن يكون الشد حقيقيا فوقف ممسكا بها
في الماء ، وفي لحظه وجد وجهه مواجها لوجهها وشفتيها تقتربان بسرعه من
الامساك بشفتيه ، لم يرد طارق أن يكون أحد ضحايا سوسن وفي نفس الوقت بدأت
مقاومته في الضعف امام جسدها الملاصق لجسدة وشفتاها المندفعتين نحو شفتاة بتصميم
أدار
وجهه لثانيه متفاديا التصاق شفتيه بشفتيها ، ولوهله ظن أنه شاهد زينب
الشغاله تقف علي الشاطئ ملوحه له ، كانت وقتها سوسن تحاول أن تدير وجهه
تجاهها مرة اخري لتقبله ، مسح طارق عدة قطرات من الماء غطت عينيه ،
وبيد قويه أبعد سوسن عن وجهه وركز نظرة تجاة الشاطئ متسائلا (( البت زينب نزلت الشط وبتشاورعليا ليه ؟؟))عاد
اليه بصرة الحاد مخترقا الشباب والفتيات علي الشاطئ بصورة فتاة لا تتعدي
الاثني عشر عاما ترتدي جلبابا مزركشرا وهي تشير بجديه حيث يقف طارق.
كل ما فكر فيه
طارق وقتها ،أن والدته قد حدث لها مكروها ، فأنطلق سابحا تجاة الشاطئ بعد
أن رمي سوسن من يدة بحركه لا أراديه ، لم تكن المسافه للشاطئ كبيرة لكنها
أعطت طارق وقتا للتفكير ، فقد ترك والدته علي مائدة الافطار بصحه جيدة ،
ولم تعاني من أي أزمات صحيه منذ فترة ، وقبل أن يضرب أخر ضربه للوصول
للشاطئ كان قد قرر انه حتي لو كان امرا تافها الذي تريدة فيه البنت
الشغاله فلابد من مكافأتها علي أنتزاعها له من حصار سوسن التي غطت بدورهانظرات التحدي عينيها عندما رأت طارق يخرج الي الشاطئ
أسرع طارق الي حيث تقف زينب وبلهفه سألها (( مالك يا بت ؟؟ ماما جرالها حاجه؟؟))
كان يبدو قلقا متوترا فأرتبكت البنت المسكينه وتلعثمت في الكلام ولم تقل شيئا يفهم
فهزها طارق من
كتفيها (( قولي لي ايه اللي حصل ؟؟)) كانت البنت ترتبك أكثر كلما نظرت
لطارق ، فهي تخافه جدا وكم من مرة ذاقت ضرب مبرح منه جراء أفعال صغيرة ،
ولم تكن تدرى هل فعلت شيئا أغضبه فتستحق عليه العقاب مرة اخري فزاد
تلعثمها في الكلام لكن كل ما ميزة طارق من تلعثمها هي كلمه (الشغل) فهدأ
توترة لثانيه ، وأرتخت أصابعه الممسكه بكتفيها الصغيرين، وظهرت علي شفتيه
أبتسامه مصطنعه ومن بين أسنانه سألها مرة أخري مصطنعا اللطف معها (( الشغل
ماله يا حلوة .... قولي لي ؟)) فأنفرجت أسارير الطفله عندما رأت أبتسامه
طارق وأنطلقت تروي لطارق كقارئ نشرة الاخبار المفصله(( من شويه يا بيه ،
التليفون رن ، قامت الست هانم وردت علي التليفون )) وتحولت نظراتها للخوف
مرة أخري (( والله يا سيدي انا ماكنتش بأتصنت بس أنا سمعت الست هانم بتقول
ان حضرتك علي الشط وهاتنداهلك .... وبعدين الست حطت السماعه علي الترابيزة
وقالت لي أجري يا زينب اندهي سيدك طارق بسرعه )) حاولت الفتاة الاستمرار
في سرد ما حدث بعد ذلك ، لكن طارق كان قد أندفع جريا الي الشاليه الذي يطل علي البحر مباشرة ،ثم توقف فجأة وأستدار أمرا زينب بأن تأتي له بنظارته والمجله
،وأستمر راكضا نحو الشاليه الذي لا يبعد أكثر من خمسين مترا ، صعد درجات
السلم الخارجي للشاليه في خطوتين والمياه تتساقط من جسدة المبلل ، وجري
نحو التليفون والذي كانت والدته تقف بجوارة قلقه ، أمسك سماعه التليفون ،
ولم يردد سوي كلمه واحدة
(( أفندم ))
وسكت بعدها لثوان قليله ، زاد من قلق الام هو تعابير القلق التي ظهرت علي
وجه طارق سريعا .. بعد ثوان تحدث طارق بجمله واحدة أخري (( حاضر يا فندم))
ووضع السماعه منهيا المكالمه ، وأشتعل رأسه بالتفكير سريعا .
سالته والدته
مرتين عما يحدث لكنه لم يسمع كلمه ، فقد كان صوت تفكيرة أعلي من صوت
والدته ، وعندما خبي صوت تفكيرة وسمع صوت والدته ، أستدار لها ليخبرها في
عبارة غامضه
(( لازم ارجع
المطار دلوقتي )) وتوالت أسئله الام القلقه سريعا لكنه لم يرد لانه
وببساطه لم يكن يملك جوابا عن أسئلتها القلقه المتحيرة ، كل ما أستطاع
قوله أن يجب أن يكون في مطار النزهه لكي يسافر في التاسعه مساءا ، أي أنه
لديه حوالي أربع ساعات ليعد نفسه ، في ذلك الوقت كانت زينب قد عادت
بنظارته والمجله ومدت يدها له لتناوله حاجياته فأمسك بنظارته من يدها
وأنفجر غاضبا (( انتي واقفه هنا بتعملي أيه ، غوري من وشي أعمليلي فنجان
قهوة )) أنتفضت البنت المسكينه خوفا من صياحه وجرت نحو المطبخ وقبل أن
تدرك المطبخ كانت قد تعثرت في الارض وسقطت باكيه علي وجهها ، فأنفجر طارق
ضاحكا بينما هرعت الام لنجدة هذه الفتاة الباكيهوهي تلومه علي قسوته
كان مشهدا متناقضا هذا الذي يحدث له
في عدة دقائق ، فمنذ دقائق قليله جدا كان علي وشك أن يروي شفاة فتاة ظمأنه
، ثم تحول للقلق المشتعل عندما رأي زينب تطلبه علي الشاطئ،
ثم هدأ القلق
عندما تأكد من ان والدته بخير ،ليزداد القلق عندما يسمع نبأ أستدعاؤة
لقاعدته علي عجل وعلي غير العادة ، ثم يتحول لموقف كوميدي مع أرتطام زينب
بالارض هلعا وخوفا منه
بعد دقائق كان
طارق ووالدته يجلسان في الشرفه يحتسيان القهوة بعد أن أستحم طارق سريعا
وغير ملابس البحر، وتحت ضغط من والدته طيب من خاطر زينب عندما مدح فنجان
القهوة الذي أعدته ، فأنفرجت أسارير الفتاة وظهرت ابتسامه عريضه علي وجهها
البرئ .
تساءلت الام القلقه عما يحدث ، ولان طارق لم يكن يعلم الاجابه فلم يكن يستطع الاجابه بطريقه تبعد القلق عن ذهن والدته
لكن والدته تلك
السيدة المثقفه المتعلمه والتي بحكم عمل زوجها في السلك الدبلوماسي ، كانت
تعلم بان الساحه السياسيه لم تكن هادئه بالمرة .
فسألته بهدوء (( تفتكر دة له علاقه بالحشود الاسرائيليه علي حدود سوريا ؟))
وتساءل طارق عن أي حشود فهو لا يعلم شيئا عن ذلك ، فردته عليه ساخرة
((ما انت لو تقرأ الجرايد وتهتم شويه باللي بيجرا حواليك ، وتبطلجري
ورا بنات الناس ما كنتش تسألني السؤال دة )) ظهرت علي طارق حمرة خجل من
تهكم والدته التي واصلت (( انت بقي مش ناوي تفرح قلبي وقلب أبوك وتشوفلك
عروسه بقي )) ظهرت فجأة علي ملامح طارق نظرات التحدى من تكرار سماع هذا
الموضوع عدة مرات فهم واقفا لكي يخرج من الشرفه، لكن والدته وبحدة (( طارق
.... انت يا ولد ..... متفتكرش أن البدله والكام نجمه اللي علي كتافك
هيخلوك تكبر عليا ........لا ..... انت لازم تحترم والدتك وتعرف أني انا
وأبوك خايفين عليك .........)) صمتت الام قليلا وأدركت لثانيه بأن أبنها
لم يعد صغيرا لكي يستمع لهذة الطريقه من الجدال ، فعدلت بسرعه من طريقتها
، وسلكت الدبلوماسيه الهادئه ، فأقتربت منه وعلقت عينيها في عينيه في نظرة
توسل (( يا بني . دا انت أبننا الوحيد وعايزين نفرح بيك قبل ما نموت ..
عايزين نمسك عيالك ونلاعبهم )) وكما لم تنطلي حيله سوسن معه في البحر ، لم
تنطلي دبلوماسيه والدته معه أيضا ، فأبتسم محتضنا والدته
(( اوعدك يا
ماما ، لما أنزل اجازة نبقي نتكلم )) غادر طارق الشرفه وعلي وجهه أبتسامه
نصر بينما أستشاطت الام غضبا ، أسقط في يدها ، فقد حاولت معه كل الوسائل
تقريبا لكي تقنعه بالزواج ، لكنه يتملص منها في هدوء وبدون أن يوعدها بشئ
يلزمه ......وفي كل مرة تحاول أن تجد مناسبه للحديث في هذا الموضوع تجدة
يتملص منه في براعه
[size=16]