ظل احمد يرقب ضفه القناه اياما بعد تلك الهزيمه
المروعه التي حلت بالجيش المصري ، كان يري في الجانب الاخر طوق النجاه من
مصيرة ، فهو ضابط شاب في سلاح الاشارة انسحب بجنوده بدون قتال ومات من مات
من رفاقه وهم ينسحبون .
وفي ليله من ليالي عام 68 قرر احمد ان يعبر القناه بمفرده ليس محررا او مقاتلا بل ****ا لاجئا لمن ظن انهم احسن من العرب ،
ولانه يعلم اماكن حقول الالغام فقد سار في منطقه تخلو من الالغام ، ثم خلع حذائه العسكري وقفز في الماء تجاه الشاطئ الاخر ليلا .
وعند
وصوله للضفه الاخري جري كما لم يجر من قبل خوفا من ان يراه المصريين وليس
خوفا من الاسرائيليين ، فقد تمني رؤيه احدهم ليسلم نفسه .
وبعد ساعتين
من السير تقابل مع دوريه اسرائيليه والتي بدورها كادت ان تقتله نظرا
لرعبهم من كمائن الصاعقه المصريه ، وسلم احمد نفسه لهم وسط دهشه كبيرة
منهم .
في الصباح التالي كان قائد كتيبته قد الم بكافه جوانب الموضوع ،
فقصاصي الاثر اعطوة الدليل ان احمد لم يخطف او يهرب لبلدته انما هرب
للشاطئ الاخر ، ويعد ساعات كانت المخابرات المصريه تتدخل في الموضوع ، وتم
عمل تحقيق استمر لمده كبيرة مع كل رفاقه وزملائه وتم دراسه ملفه اكثر من
مرة
وفي بئر سبع امضي احمد ايام تحت الاستجواب والتعذيب النفسي ،
وكان يصرخ بانه قد حضر اليهم بمحض ارادته ، وكانت اعترفاته مطمئنه لليهود
، فهو يقول لهم معلومات مؤكده يعرفونها ، ونظرا لصغر رتبته فلم يكن ملما
باسرار كبيرة ، وكان السؤال الذي يعاد عليه في كل مرة عن موعد الحرب
القادمه وكان يجيب نافيا علمه باي شئ .
وتلقفته ايدي الموساد عبر فتاه
(ومش اي فتاه ) قامت تلك الفتاه باعطاءة جرعات من الجنس جعلته يكاد يفقد
الوعي ، وتحت تأثير المتعه كان لسانه يردد نفس الكلام
اما الموساد
فقد كانت في حيرة من امرة ، فلاول مرة يسلم ضابط مصري نفسه طالبا التعاون
وكانت المخابرات المصريه حاضرة في ذهنهم طول الوقت فربما كان مندسا
ويعد اسابيع من التحقيقات والاختبارات وجمع المعلومات حوله وحول عائلته تولدت لديهم قناعه تامه بأنه
ليس
مندسا ، وعندما سئلوة عن سبب هروبه فاجاهم قائلا بان خطيبته قد تنكرت له
بعد الهزيمه وتزوجت رجلا اخر ايسر حالا وانه ليس لديه رغبه في القتال مع
الاسرائيليين ، فكل ما يطلبه هو ان يعيش وسط اقوي شعب في المنطقه ولكي
يلقن خطيبته واهله وبلده درسا .
المهم .
بعد أشهر تلقي احمد الصدمه
(( ستعود لمصر )) فخر مغشيا عليه من الصدمه والخوف ، فما الذي قام به لكي
يعيدوة مرة اخري لمصر ، لكنهم طمانوة بأنه سيعود كجاسوس لاقوي جهاز
مخابرات في العالم
وان لغته الام ستسهل عمله ، وانهم سيغدقون عليه بالاموال وسيعيش في نعيم ، وانه من المستحيل علي المصريين اكتشافه .
وبالفعل
عاد احمد الاي الاسكندريه في عام 69 محملا بعلم الجسوسيه بعد ان تشرب جزء
منه وكان المطلوب منه الاختلاط بين اوساط البحارة لكي يعرف معلومات عن
البحريه المصريه واسلحتها
وكان الرسم هو غطاءوة حيث ان برعاته في الرسم تم استغلالها .
كان احمد يجلس علي الكورنيش يرسم مثله مثل العشرات غيرة لكن عينيه كانت تتابع الميناء الحربي
فقد تحصل علي تدريبات عن القطع المصريه جعلت يرصد حركتها
وكأي جاسوس فقد أستخدم الحبر السري في البدايه ، ثم اتلقي جهاز ارسال صغير متقدم نظرا لحساسيه المعلومات التي يبثها واهميه سرعتها
وفي مبني المخابرات المصريه كانت المعلومات ترد بان هناك جهاز ارسال تم رصده اشاراته في الاسكندريه وانه جاري التحقق منه .
كان
احمد يرسل اشاراته من اي مكان يحب ، فلا قيد عليه ، فمن يتخيل ان جهاز
الراديو الصغير المدلي من جيبه طوال الوقت يحمل معلومات مخزنه لا تحتاج
الي اكثر من ضغطه علي اد الازرار لكي يرسل رسالته في اي مكان ولو في وسط
مقهي عام
وقع احمد في حب طفل صغير يبيع الفل علي الكونيس ، فلامح
الطفل تحمل ملامح الكفاح الشريف الذي اصبح لا يعرفه هو ، وقرر ان يرسمه ،
وتعددت الرسوم ، واغدق احمد علي الطفل بالاموال والذي فرح بها جدا ، لدرجه
ايقظت الحس الامني لوالده العامل البسيط فقرر ان يبلغ عن احمد الرسام خوفا
من ان يكون يستغل ابنه جنسيا ، ومر البلاغ مرور الكرام علي رجال الشرطه ،
لكن احد افراد المخابرات كان متيقظا
وظهرت اللمبات الحمراء في عقله وهو يسمع الطفل الصغير يصف الرسام ، فبغض النظر عن الشارب والذقن الطويله فلامحه تقارب ضابطا خا ئن
وتم
وضعه تحت المراقبه بعد ان انتقل احد كبار ضباط مكافحه الجاسوسيه الي
الاسكندريه لمتابعه التحقيق ، لم يقم احمد بأي شئ يلفت النظر ، وكانت شقته
بلا اي شئ يثير الشبهه ، لدرجه ان ضابط المخابرات فكر في احتمال التشابه
فقط بين الرجلين ، لكنه ظل متيقظ .
فهو يعرف بوجود جاسوس في الاسكندريه واشارات اللاسلكي الصادرة من الاسكندريه تكاد لا تتوقف
فقرر وضع كمين للرسام ، وزج بشاويش بحريه (ضابط مخابرات متخفي ) في طريقه
وعلي
القهوة تعارف الاثنان ، وتحدث الشاويش عن المدمرة التي يعمل عليها
وتسيلحها ، وتخيل احمد انه امام كنز يتيح له الحصول علي اموال اكثر مما
ترسل اسرائيل الان ، الطمع والتشويق والاثارة دفعا احمد لمصداقه الشاويش
الذي قال اكثر مما يجب وصرح لاحمد بوصول مدافع جديده لم يعرفها هذا
الشاويش وان هذه المدافع مخصصه للجيوش الميدانيه وتمادي الشاويش في وصف
المدفع لدرجه اسالت لعاب احمد ومن بعده الموساد ، فقررت الموساد ان تتعمق
اكثر مع الشاويش بعد ان تأكدت من معلوماته البحريه الصادقه، لكن موضوع
المدفع الجديد هذا حير الاسرائيليين .
في تلك اللحظه كان وكيل نيابه
الاسكندريه قد وقع علي امر القبض علي احمد بعد ان تعاظمت الشكوك حوله لكن
ظل الدليل ، وهنا يتفتأ ذهن الضابط المصري علي ملاحظه صغيرة ، الا وهو
جهاز الراديو الذي يحمله احمد باستمرار بدون ان يديرة علي اي محطه الا
نادرا ، وكان لابد من الحصول عليه بأي ثمن .
في نفس الوقت ارسلت
اسرائيل لاحمد بان ضابط مخابرات اسرائيلي كبير علي وشك الحضور لاستطلاع
امر تلك المدافع التي قيل لهم انها مجمعه في الصحراء بعيدا عن الاعين
وقبل
وصول الضابط الاسرائيلي كان الضابط المصري ووكيل النيابه يلقيان القبض علي
احمد بهدوء تام وظل احمد حبيش شقته المتواضعه بعد ان استسلم للخوف والرهبه
واعترف بكل شئ
وكان خبر الضابط الاسرائيلي القادم مفجادأة وكنز للضابط المصري الذي غير خطته فورا وقرر ان يكمن للضابط الاسرائيلي .
ونظرا للرعب الذي فيه احمد فقد اعترف بالشفرة التي يعمل بها والتي يحتفظ بها في مصحف شريف !!!
وتابع احد الرجال المصريين ارسال الرسائل بجوار احمد طبقا للجدول
وحضر الضابط الاسرائيلي متخفيا في هيئه سائح يوناني وتم رصده ووضعه تحت مراقبه شديده
وسرعان
ما أجر هذا الضابط سيارة للتجول في الاسكندريه ، وقادته الطرق الي الموقع
الذي اعطاه احمد لتجمع المدافع ، فوجد الاسرائيلي بوابه حديده متهالكه
وخلفها لوحه لاحد شركات المقاولات وجنديين رثا الثياب يحرسان البوابه ،
وعلي الفور استدرجهما الضابط في الحديث وقال الاثنان ما معهما من معلومات
( مدسوسه طبعا ) وهنا اصبحت الفريسه وسط دائرة الاسود فلا فكاك له
وعاد
الضابط الاسرائيلي الي الاسكندريه وهو علي موعد مع احد الجنود في وقت اخر
ستصل فيه شحنه اخري من المدافع حيث سيتاح للضابط ذلك رؤيه تلك المدافع
وتمييزها .
فعاد الضابط سريعا وسعيدا الي الاسكندريه ، وهنا يعرج
الضابط الي شقه احمد مطمئنا لتسليمه كتيب جديد للشفرة ومبلغ من المال
للشاويش المصري تم الاتفاق عليه مسبقا .
وبهدوء دلف الضابط الي شقه احمد ليجد في استقباله رجال المخابرات المصريه بوجوة بشوشه وابتسامات النصر تظهر علي استحياء
ليقع الجاسوس واحد ضباط الموساد في يد المخابرات المصريه بعد عامين من البحث والمراقبه
وعند
اعدام احمد ، يحزن الاب قليلا لكنه سرعان ما يعود ويردد بانه ليس ابنه منذ
عبر الي اليهود وأن مصر اهم مليون مرة من ابنه ال خا ئن