برامج تدريب الطيارين فى بعض أهم القوى الجوية فى العالم

برامج تدريب الطيارين فى بعض أهم القوى الجوية فى العالم

تعتبر عملية تدريب الطيارين من المهام الصعبة لعدة عوامل منها : أن مناهج
التدريب المقررة عادة ما تتعرض للتغيير المستمر مما يجعل اختيار طائرات
التدريب المناسبة من العمليات الطويلة والمجهدة والتى غالبا ماتختلف وجهات
النظر حولها خاصة مع تقلص ميزانيات الدفاع والحاجة الى التنبؤ بالتقدم
التقنى الذى قد يحدث خلال 20 عاما القادمة , لذا لابد من تكاتف جهود
الجهات المختصة للوصول الى برامج تدريبية محددة لتدريب الطيارين وصولا
لكفاءة عالية تناسب قدرتهم على تنفيذ المهام المستقبلية ولهذا فإن تدريب
الطيارين عملية يجب ان تتوافر لها مناهج واضحة ومعدات ذات كفاءة عالية كما
أن إعداد طيار مقاتل عالى الاداء يتطلب جهدا ووقتا وتكلفة مرتفعة , ولهذا
يواجه الطيارون اعنف التدريبات بعد مرورهم بمرحلة إعداد شاقة قبل تأهلهم
لعلوم الطيران . ويعتبر تدريب الطيران تمثيلا حقيقيا لما يدور فى مسارح
العمليات القتالية , ولهذا فإن تدريب الطيارين واعدادهم و تأهيليهم للعمل
بكفاءة على الطائرات القتالية إحدى اهم المشكلات ذات التأثير البالغ فى
بناء وتطوير القوى فى كافة دول العالم , وخلال العقود الماضية عملت الدول
الاوروبية لإطلاق قاعدة برامج من أجل تطوير وإنتاج الطائرات العسكرية
الخاصة بالتدريب , كما سعت الى المزيد من التعاون فى مجال تأسيس المتطلبات
المشتركة لتدريب الطيارين على أسس طائرة مشتركة , وقد مثلت هذه المتطلبات
قمة جهود أعوام متواصلة من العمل الشاق والاسناد الصناعى , وبدء مشوار
مستقبل جديد للطيران العسكرى الدولى , وقد تضافرت جهود عدة شركات لتصنيع
وانتاج طائرات تدريب نفاثة على أساس من البساطة والحداثة والاقتصادية فى
تصنيعها لمواكبتها التطورات وملاءمتها العمل فى الظروف الجوية المختلفة .
وضمن التحديث المستقبلى لتدريب الطيارين والملاحين لابد من اضافة عدة
تحسينات فى برامج وطرق تنفيذ التدريب على طائرات التدريب النفاثة وقدراتها
, ولابد من مواكبتها لأحدث المستجدات بعد التطورات حول دخول الكابينة
الزجاجية واستخدام الشاشات الواسعة ونظام شاشات العرض العلوية (HUD)
ولدخول القرن الجديد لابد من تكثيف وتطوير تدريب الطيران لتحقيق الافضل
ولمواجهة متطلبات المراحل الجديدة . ونظرا لهذا الاهتمام المتزايد بأمر
تدريب الطيارين سنتناول بعض برامج تدريب الطيارين فى عدد من القوى الجوية
التى ترسخت لديها برامج التدريب وتطوير الطائرات المستخدمة من خلال :
- برامج وطائرات التدريب الأوروبية .
- تدريب الطيارين الامريكيين .
- تدريب الطيارين بالقوات الجوية الهندية .
- البرنامج البريطانى .
- تدريب الطيارين بالقوات الجوية الباكستانية .
- تدريب الطيارين بالقوات الجوية الاسرائيلية .
- تدريب مقاتلى المستقبل فى حلف الناتو .

أولا : برامج وطائرات التدريب الأوروبية

خلال العقود القليلة الماضية عمدت الدول الاوروبية الى اطلاق عدة برامج
مشتركة من أجل تطوير وانتاج وشراء الطائرات العسكرية من أمثال "تورنادو" و
"يوروفايتر" و "NH-90 " وربما الطائرة A400M , ومن المرجح أنه تم المزيد
من التعاون فى مجال تأسيس وتشكيل المتطلبات المشتركة لتدريب الطيارين على
اسس طائرة مشتركة أيضا منذ عام 2002 , وضمن الهيكل العملى الخاص بالاتجاه
العام نحو تكامل أشمل وأكثر تقدما من قبل جميع البرامج والنشاطات العسكرية
فى كامل القارة الاوروبية فهنالك عنصران محددان يوفران المنطق القوى من
أجل تدريب الطيارين العسكريين على اسس اوروبية تكاملية , فمن جانب فإن
التشابه الكبير والمتزايد يتمثل فى كون القوات الجوية الاوروبية تشترك فى
حملات للتحالف على أسس مستمرة , أما العنصر الثانى فيتمثل فى الاتجاه
الدائم لخفض التكاليف , وبالإضافة الى هذين العنصرين فهناك وجود النموذجين
الناجحين لمدارس تدريب الطيارين العسكريين فى الطرف الثانى من المحيط
الاطلنطى (وهما مدرسة "شيبارد" فى الولايات المتحدة ومدرسة (NFTC) فى
كندا) و اللذان لفتا انتباه العديد من أركان الجو الاوروبيين باتجاه ضرورة
اطلاق الدراسات الخاصة بفلسفة بديلة للتدريب على أسس مشتركة داخل الاطار
الاوروبى .
وفى النصف الثانى من عام 1997 شرع ممثلون عن قادة اركان معظم القوات
الجوية الاوروبية فى مناقشات اولية بشأن امكانية استحداث نظام اوروبى متسع
لتدريب طياريها وقد تطورت هذه الفكرة لاحقا الى ما يسمى " مجموعة العمل
الاوروبية لتدريب قباطنة الطائرات " او (AEJPT WG) والتى تم تشكيلها
بمبادرة من " مؤتمر قادة الجو الاوروبيين " المعوف باسم (EURAC) الذى ضم
حوالى 17 من رؤساء اركان القوات الجوية . وقد تركزت نشاطات مجموعة العمل
على تعريف المجموعة الاولية للمتطلبات العملياتية الخاصة بنظام التدريب
الاوروبى المشترك المعروف باسم " الخطوط العريضة لأهداف رؤساء الاركان
الاوروبيين " وفى مرحلة تالية تم توزيع وثائق هذه الاهداف على الصناعات
الاوروبية التى لديها خبرات جيدة فى مجال التدريب على الطائرات والمشبهات
من أجل ابداء رأيها والتعليق على هذه الوثائق. وقد جاءت التعليقات فى شكل
دراسة تتعلق بخصائص مختلف انواع الطائرات وكذلك الانظمة القادرة على
الايفاء بالمتطلبات الاولية كما تم تحديدها من قبل مجموعة العمل وبإشارة
خاصة الى قابليتها من حيث تكالف الشراء وتكاليف دورة الحياة. وفيما يتعلق
بالجانب الصناعى فإن النشاط المتعلق بالتصاميم والهندسة فسوف يتم تنفيذه
من قبل مجموعة صناعية تضم 31 شركة اوروبية من ضمنها الشركات المعروفة مثل
(Aermachi, Dassault, EADS-casa, EADS, Saab) .

ولقد تم تحديد اهداف التدريب الاوروبى بشكل متسع ومنذ انشائه , والخطة
الاساسية التى سيبدأ العمل بها سوف تتضمن استحداث هيكل اوروبى يختص
بالمراحل النهائية للمنهج التدريبى للطيارين المقاتلين (تدريب قيادى قتالى
متقدم) , وسوف يتم انشاء مدرسة مركزية تعمل على تدريب جميع الطيارين
المقاتلين فى مختلف مشاركات القوات الجوية , اما اهم ميزة واضحة لمثل هذا
المشروع فتتمثل فى استحداث نوع معين التدريب المشترك يصل الى مستوى
المعايير العملياتية الخاصة بالقوات الجوية الاوروبية , مما سيؤدى وبشكل
ملحوظ الى مرونة وبساطة القيادة والسيطرة المشتركة على مختلف الاصول
والموجودات الوطنية فى مستقبل عمليات التحالف , ومن المتوقع تحقيق فعالية
قتالية عالية المستوى الى جانب ترقية وتحسين فعالية وتكاليف الاسطول الجوى
. ويجب ان نضع فى الاعتبار ان تدريب الطيارين فى المناطق التى تسودها ظروف
جوية جيدة قد تنجم عنه بعض الآثار السلبية حيث ان معظم القوات الجوية قد
ظلت تتلقى تدريباتها فى ظروف جوية متطرفة وصعبة , وفى هذا الخصوص فإن
القوات الجوية الالمانية كانت قد عانت فى السابق من معدلات مرتفعة من
الحوادث فى الجو وذلك لأن طياريها الجدد قد اتوا من الجو المعتدل فى جنوب
غرب الولايات المتحدة قبل ان يتم الزج بهم فجأة فى الظروف المناخية الصعبة
, وبسبب هذه الاعتبارات والخبرة الماضية فإن الاختيار النهائى لمواقع
التدريب يمكن ان يكون لصالح زوج من قواعد التدريب الاوروبى بحيث تتخذ
احداها موقعا لها فى المنطقة البحر متوسطية , بينما تكون الاخرى فى أقصى
الشمال (فى فنلندا مثلا) حتى يسمح للطيارين الجدد بالتدريب فى اكثر
المناخات تنوعا.

اما بالنسبة لطائرة التدريب الاوروبى فالمرشح الاول بقوة هى الطائرة
(MAKO) من شركة EADS , وهى طائرة قتالية خفيفة اسرع من الصوت وتعتبر
مثالية كطائرة متقدمة للتدريب على قيادة القتال نظرا لأمكانية هذه الطائرة
ان تعمل طائرة تدريب متقدم ومدربة مشتركة لطيارى" اليوروفايتر" و
"الرافال" و "جريبن" .. وسعر الطائرة الواحدة من طائرة التدريب هذه حوالى
20 مليون يورو بالاضافة الى تكاليف التشغيل الكبيرة , لذلك يتعين ايجاد
طائرة مشتركة اخرى فى التدريب الاساسى تقوم بتوفير مستوى جيد من الاداء
ومميزات جيدة للطيران حتى تسمح بسهولة انتقال الطلبة الطيارين لذلك هناك
طائرة مرشحة للقيام بهذا الدور بقوة وهى طائرة (M-346) من انتاج AERMACHI
وهذه الطائرة نتاج تعاون تكنولوجى مع شركة "ياكوفليف" حيث تم اعتبارها
النسخة الغربية المطورة من طائرة (YAK-AEM 130 ) ... والطائرة M-346 تتضمن
محركين توأمين وقد تم تصميمها لكى تعمل بفعالية فى المجال الصوتى العالى
وقادرة على السيطرة وخاصة بزاوية الهجوم وقد حلق فى الاجواء لأول مرة فى
منتصف عام 2003 , وبالرغم من انها تعتبر طائرة تعمل فى مجال الصوت من حيث
التصميم الا ان لديها ايضا معدل عالى للدفع مقابل الوزن وهو ما يعتبر نوعا
من الاداء الممتاز.

وبينما يتعلق مفهوم التدريب الاوروبى بنشاطات تدريب الطيارين العسكريين فى
مجمله الا ان الاهتمام قد بدأ يتركز ايضا على المراحل الاخيرة الاكثر
تعقيدا والاغلى ثمنا فى المنهج التدريبى التى تتمثل تحديدا فى التدريب
المتقدم والخاص بالقيادة القتالية وكان الشركاء فى برنامج التدريب
الاوروبى قد اتفقوا على انه بمجرد تأسيس منظمة للتدريب المتقدم لهذه
المراحل فإن الاهتمام يجب ان يتحول باتجاه تنظيم هياكل مشابهة كذلك
للتدريب الاساسى , وطبقا لهذه الصورة العامة فإن مراحل التدريب الاولى فقط
سوف تظل مسئولية كل دولة بمفردها حيث من المرجح ان يعهد بتنظيمها وادارتها
الى مدارس خاصة..


ويجب العلم بإن مفهوم التدريب الاوروبى لديه من الخصائص و المميزات التى
تبرر بذل واستثمار أقصى الجهود من أجل تحقيق هذا العمل بشكل او بآخر ,
وعلى الاقل فإن القدرة على تنظيم مكافئ اوروبى لمدارس تدريب الطيران
الامريكية سوف يصبح فى حد ذاته نقطة ايجابية جدا .