كيف ولدت الرغبة في مهاجمة ميناء إيلات وغيره من الأهداف في عمق العدو الإسرائيلي؟
في
أعقاب النكسة بدأت القوات المسلحة كلها في إعادة بناء نفسها بالإعداد
والتدريب والتسليح والتنظيم .. الخ، وكل هذا كان ممكنا لكن الشئ الأصعب
كان هو إعادة الروح المفقودة لفرد القوات المسلحة بعد النكسة وما كسرته في
داخل صفوف المقاتلين.. لكن على أي حال فقد بدأ الفريق محمد فوزي بعدما
تولى المسئولية في دعم كل هذا عدا الروح المعنوية التي كان رفعها صعبا
للغاية لأنها شئ نفسي لن يعود بالتدريب .. من هنا كان اللجوء للقوات
الخاصة لتنفيذ عمليات ناجحة خلف خطوط العدو تعيد الروح المعنوية ليس
للقوات المسلحة فقط ولكن للمصريين جميعا.
وعلى نطاق القوات
البحرية فقد كان لواء الوحدات الخاصة هو الذراع الطويلة للقوات المصرية
فنفذنا هجمات ناجحة عدة، كان وقتها قائد القوات البحرية هو اللواء محمود
فهمي عبد الرحمن رحمه الله وكان مقاتل بطل مصمم على النصر أو الشهادة وكان
هو أول من اقتنع بضرورة تحريك لواء القوات الخاصة وبعنف.
لماذا إيلات؟
كل
هدف كان له سبب فحينما قررنا دخول ميناء إيلات كان لأن الولايات المتحدة
الأمريكية أمدت اسرائيل بناء على طلبها في أوائل عام 68 بناقلتين بحريتين
إحداهما تحمل 7 مدرعات برمائية واسمها "بيت شيفع" وأخرى ناقلة جنود واسمها
"بات يم" ، واستغلت إسرائيل تفوقها الجوي الكاسح وشنت نحو 3 أو 4 عمليات
قوية بواسطة الناقلتين على السواحل الشرقية لمصر منها ضرب منطقة الزعفرانة
حيث ظل جنود الكوماندوز الإسرائيليين في المنطقة 15 ساعة كاملة، فكان
الغطاء الجوي الإسرائيلي يوفر للناقلتين حرية الحركة فتقوم البرمائيات
بالنزول على الشواطئ المصرية ويقوم الكوماندوز بالدخول لأي منطقة عسكرية
وأسر رهائن ونهب المعدات.
فقررتم القضاء على الناقلتين..
نعم
.. فقد قررت القيادة العامة للقوات المسلحة القيام بعملية بهدف التخلص من
الناقلتين بأي وسيلة، واستقر الأمر على القوات الجوية والقوات البحرية لكن
عند دراسة قيام القوات الجوية بشن هجوم على الناقلتين في العمق الإسرائيلي
كانت احتمالات الخسائر كبيرة جدا، لذا وافق الرئيس عبدالناصر على اقتراح
قائد القوات البحرية بتنفيذ أول عملية للضفادع البشرية المصرية في العمق
الإسرائيلي.
وكيف بدأ الاستعداد ؟
عن
طريق الاستطلاع تم التحقق من أن الناقلتين تخرجان دائما من ميناء إيلات
إلى شرم الشيخ فخليج نعمة ومنه إلى السواحل الشرقية المصرية فتم تشكيل
ثلاث مجموعات من الضفادع البشرية كل مجموعة مكونة من فردين (ضابط وصف
ضابط) وسافروا إلى ميناء العقبة الأردني القريب من إيلات كما تم تحضير
مجموعتين -كنت أحد أفرادها- في الغردقة، وكانت الخطة الأولى تقضي بأن
تهاجم مجموعتا الغردقة الناقلتين إذا غادرتا مبكرا وقامتا بالمبيت في خليج
نعمة عن طريق الخروج بلنش طوربيد ثم بعوامة ونقترب من الناقلتين ونقوم
بتفجيرهما، أما الخطة الثانية فكانت ستنفذ إذا قامتا بالمبيت في إيلات
فيكون التنفيذ من جانب المجموعات الثلاث الموجودة في العقبة .. ما حدث
أنهما قامتا بالمبيت في إيلات فعلا فألغيت مهمة الغردقة وقامت مجموعات
العقبة في 16 نوفمبر عام 1969 بالخروج بعوامة من العقبة حتى منتصف المسافة
ثم السباحة إلى الميناء لكنهم لم يتمكنوا من دخول الميناء الحربي فقاموا
بتلغيم سفينتين إسرائيليتين هما (هيدروما ودهاليا) وكانتا تشاركان في
المجهود الحربي الإسرائيلي في ميناء إيلات التجاري، وهذه هي العملية التي
استشهد فيها الرقيب فوزي البرقوقي وقام زميل مجموعته بسحب جثمانه حتى
الشاطئ حتى لا تستغل إسرائيل الموضوع إعلاميا.
كيف كان وقع العملية برغم انها لم تحقق أهدافها المرجوة؟
كانت
العملية جيدة جدا وأدت لضجة كبيرة داخل وخارج إسرائيل ورفعت الروح
المعنوية للقوات المسلحة وفي الوقت ذاته أدركت إسرائيل أننا تمكنا من
الوصول إلى إيلات وأننا نريد "بيت شيفع" و"بات يم" فأصدروا تعليمات
للناقلتين بعدم المبيت في ميناء إيلات بحيث تقوم بالتجول في البحر بداية
من آخر ضوء وحتى أول ضوء لأن قوات الضفادع البشرية لا يمكنها العمل نهارا.
وهل توقفت الناقلتين عن مهاجمة السواحل المصرية؟
لا..
على العكس، فقد قامتا تحت الغطاء الجوي بالهجوم على جزيرة شدوان وهي جزيرة
صخرية مصرية تقع في البحر الأحمر وأسروا عددا من الرهائن واستولوا على
كميات كبيرة من الذخائر، ونقلوها بواسطة "بيت شيفع" واثناء تفريغ الذخيرة
انفجر بعضها مما أدى لمقتل نحو 60 اسرائيليا وتعطل باب الناقلة الذي كان
يعمل بطريقة هايدروليكية..