Admin Admin
عدد الرسائل : 6019 العمر : 124 الموقع : ساحات الطيران العربى الحربى نقاط : 10224 تاريخ التسجيل : 05/10/2007
| موضوع: خداع الأقمار الصناعية الثلاثاء فبراير 09, 2010 4:50 pm | |
| خداع الأقمار الصناعية تعتبر هذه الخطوة من ادهى الخطوات التى قام بها الجيش فى خطة الخداع الرهيبة، فقد كان الجيش على دراية كبيرة بأجهزة الاستطلاع الجوى التى تستخدم فى التقاط الصور ونقلها بكفاءة خاصة الأقمار الصناعية المزودة بمعدات التصوير الحراري التى تستطيع التقاط صور واضحة لتحركات المعدات حتى بعد ان تغادر اماكنها بدقة متناهية ولم تكن هناك ثمة وسيلة لاخفاء طوابير العربات والمصفحات والدبابات وقطع المدفعية عن عدسات هذه الاقمار التى لا تكف عن الدوران حول الارض فى مسارات عديدة منتظمة .. الا ان الدراسة المصرية المتأنية اثبتت انه بالإمكان خداعها. فقد كان من المعروف لدى خبراء الاستطلاع الجوى المصري ان هذه الاقمار تحلل الالوان الى 32 لونا تتدرج من الابيض الناصع الى الاسود القاتم ثم ترسل مشاهداتها على هيئة ارقام يعبر كل منها عن لون المربع الواضح فى الصورة وفى مراكز الاستقبال الارضية يعاد استبدال الارقام بمربعات لها نفس درجة اللون فتكون الصورة الحقيقة مرة اخرى. وقد نوقشت مشكلة الاقمار الصناعية فى وقت مبكر بعد ان اتخذ قرار الحرب، وكان رأى اللواء – المشير فيما بعد- الجمسي ان القمر الصناعي عبارة عن جاسوس ابكم يمكن رصدة وخداعة بسهوله واستقر الرأى على تشكيل مجموعة بحث لدراسة الوسائل الكفيلة بتضليل الاقمار الصناعية . وكانت ثمرة عملها معجزة حقيقية حيث وضعت مجموعة البحث فى اعتبارها شبكة الطرق المؤدية الى جبهة القتال ومواصفاتها ثم مدارات الاقمار الصناعية ومواقيت اطلاقها بالثانية وبعد ذلك قامت المجموعة بوضع عدد من الجداول الزمنية شديدة التعقيد والدقة. اوضحت الجداول مواعيد تحرك القطارات الناقلة للجنود واماكن توقفها ومدة التوقف بالثانية !، مع اصدار اوامر مشددة باتباع هذه الجداول بمنتهى الدقة وعلى هذا الاساس كانت الطوابير تتحرك الى الجبهة فى مجموعات صغيرة فوق طرق مختارة بعناية ثم تعود العربات الخالية بمجموعات كبيرة فى وقت مناسب لكى يمر من فوقها القمر الصناعي الباحث عن المعلومات وهكذا استقبلت مراكز دراسة الصور الجوية صورا كثيرة ولكنها تؤدي الى استنتاج معاكس للحقيقة وكان هذا هو الهدف المطلوب..! إعداد المستشفيات لاستقبال الجرحى كان من الضروى اخلاء عدد من المستشفيات وإعدادها لاستقبال الجرحى الذين سيتوافدون مع بداية المعركة ، ولما كان إجراء بمثل هذه الضخامة سيثير بالتأكيد شك إسرائيل ؛ كان على المخابرات ان تجد حلا لاخلاء عدد المستشفيات المطلوب بدون اثارة ذرة شك واحدة . و من أجل هذه المشكلة اجتمع الرجال كثيراً و راحوا يدرسون و يفكرون و يتناقشون و يتجادلون..... و في اهتمام شديد قال أحدهم في الرابعة و النصف صباحاً :- المشكلة أن إخلاء المستشفيات المدنية ليس بالعمل البسيط الذي يمكن إخفاؤه , فكل مريض يسعى للعلاج سيشعر بالغضب و الثورة , و سيشكو إلى جيرانه و أقاربه و أصدقائه و زملاء عمله و سيجد بينهم من ينقل الخبر إلى تل أبيب..! فبدا على الرجال شيء من الضيق والإحباط , ثم لم يلبث أحدهم أن اعتدل في حركة و قال في حماسة:- - إلا لو تم هذا لسبب منطقي التفتت إليه العيون كلها في تساؤل وجد طريقه إلى لسان أحدهم , و هو يقول:- - و ما الذي يمكن أن يكون هذا السبب المنطقي ؟ أجابه الأول في حماسة:- - سبب طبي بحت ثم راح يشرح الخطة التي برزت في ذهنه , وبكل التفاصيل.. و استمع إليه الرجال بمنتهى الإهتمام حتى إنتهى من الشرح دون أن يقاطعه أحدهم لحظة واحدة , ثم بدءوا مناقشاتهم ومحاوراتهم التي امتدت إلى السابعة صباحاً , قبل أن يربت رئيسهم على منضددة الإجتماعات براحته قائلاً:- - على بركة الله ... فلنضع الخطة موضع التنفيذ ،،، و بعد سبع ساعات و إثنتي عشرة دقيقة وصل إلى إحدى الوحدات العسكرية في السويس قرار من إدارة شئون الضباط للقوات المسلحة , بتسريح ضابط طبيب من الخدمة , و عودته إلى الحياة المدنية.... و لما كان هذا الإجراء نادر الحدوث في تلك الفترة فقد أظهر الضابط الطبيب فرحته و سعادته , و همس للمقربين إليه بأن جهود خاله الذي يحتل مكانة رفيعة في القيادة هي التي منحته هذا الإمتياز و أعادته إلى الحياة المدنية , حتى يستطيع إكمال دراساته العليا , التي توقفت مؤقتاً بسبب إلتحاقه بكلية ضباط الإحتياط منذ عدة سنوات... و كإجراء طبيعي لم يكد الطبيب أن يعود إلى حياته المدنية , حتى تسلم وظيفته السابقة في وزارة الصحة , التي تركته على قوتها ليومين أو ثلاثة قبل أن تمنحه خطاب التعيين في مستشفى الدمرداش الذي وقع عليه الإختيار ليكون على رأس قائمة المستشفيات المطلوب إخلاؤها قبل أن تنشب الحرب..... و التحق بالمستشفى و أبدى نشاطاً ملحوظاً و مهارة و كفاءة في عمله في قسم الجراحة. و قبل أن يمضي أسبوع واحد على تسلمه العمل حتى كان يتقدم بمذكرة إلى مدير المستشفى في إنفعال:- - خطأ ...... إستمرار العمل بهذا المستشفى خطأ نطلع إليه المدير في دهشة و سأله:- - لماذا؟! كل شيء يدور على ما يرام فقال الطبيب في حزم:- - هذا ما يبدو ظاهرياً و لكن هناك مشكلة بالغة الخطورة , لست أدري كيف لم ينتبه إليها أحد ثم مال نحو المدير و أضاف في لهجة تشف عن خطورة الأمر:- - معظم عنابر المستشفى ملوثة بميكروب التيتانوس قفز المدير من مقعده كالمصعوق و هو يهتف:- - التيتانوس ؟! هذا مستحيل ! إحتدمت المناقشة بينهما لفترة طويلة , و أصر الطبيب على رأيه و على أن مواصلة إستقبال المرضى في المستشفى لها عواقب وخيمة , و حذر المدير من أنه سيحمله المسئولية الكاملة لو إنتشرت الإصابة بالميكروب . و لم يخضع المدير للأمر بسهولة , و إنما قرر القيام بفحص شامل , و إجراء عدد من التحليلات , قبل إتخاذ أي قرار في هذا الشأن .. و تم تجميع العينات المطلوبة , و إجراء كل الفحوص الممكنة... ثم أتت النتائج....... و المدهش أنه و على الرغم من خلو المستشفى فعلياً من الميكروب , إلا أن كل النتائج إيجابية و كأنما تحول مستشفى الدمرداش إلى مزرعة نشطة لميكروب التيتانوس بالذات. و صدر قرار بإخلاء المستشفى تماماً من المرضى لتطهيره من الميكروب , و تم إتخاذ كل الإجراءات اللازمة لهذا ..... و في نفس الليلة إجتمع الرجال مرة أخرى ..... كان من الواضح أن خطتهم تسير على ما يرام بالنسبة لمستشفى الدمرداش و لكن أحدهم طرح سؤال غاية في الأهمية:- - ماذا عن المستشفيات الأخرى ؟! هل سنتبع معها الخطة ذاتها؟! أجابه أحد زملائه في حسم:- - من المستحيل أن نفعل , فلو تكرر الأمر على النحو نفسه سينتبه العدو إلى أن الأمر ليس طبيعياً , مما سيثير شكوكه , و يدفعه إلى دراسة الأمر و تحليله , مما سيوصله حتماً إلى إستنتاج الحقيقة عاد الأول يسأل :- - ماذا يمكننا أن نفعل إذن ؟ ران عليهم صمت ثقيل و كل منهم يفكر في الأمر , ثم كسر أحدهم ذلك الصمت و هو يقول في إهتمام:- - دعونا نطرح سؤالاً على أنفسنا .. ما الذي ينبغي فعله في الظروف العادية لو أن مستشفى الدمرداش تلوث بميكروب التيتانوس فعلياً ؟ أجابه أحدهم بسرعة:- - ستكون فضيحة و سيصبح الأمر حديث الصحف قال الرجل في إرتياح:- - عظيم هذا بالضبط ما نحتاج إليه تساءل أخر في دهشة :- - الفضيحة؟! أجابه في حماس:- - بل حديث الصحف قالها و راح يشرح فكرنه التي إعتمدت على تعاون الصحافة و تأثير الكلمة المطبوعة على مشاعر الجماهير , و خاصةً لو كانت كلمة من كاتب يحترمه الجميع و يثقون بما يقول تمام الثقة..! و كل رجل مخابرات يدرك أنه من أهم المصادر التي يستقي منها العدو معلوماته هي الصحف ، حتى إنه لكل جهاز تقريباً قسم خاص , مهمته الحصول على الصحف و المطبوعات , للإطلاع على ما بها من معلومات , و دراستها و تحليلها. و من هذا المنطلق إتخذ الرجال قرارهم بالوسيلة التي ينبغي التعامل معها في هذا الشأن مع رجال الصحافة و الإعلام. و في السادسة صباحاً , إرتفع رنين الهاتف في منزل الكاتب الصحفي "م ص" الذي إستيقظ على الفور والتقط سماعة الهاتف في سرعة _متصوراً أنهم يستدعونه في الصحيفة التي يعمل بها , لحدوث ظرف طارئ يحتاج لتغطية صحفية_ , وعندما ألقى السؤال على محدثه , سمع على الطرف الأخر صوتاً مهذباً يقول:- - معذرة يا أستاذ "م ص"...أنا ...... من المخابرات العامة المصرية إنتفض جسد الرجل في دهشة , و تسائل في عصبية عن السبب الذي يطلبه من أجله رجل المخابرات في السادسة صباحاً , فاعتذر له الرجل في لهجة شديدة التهذيب و قال له:- - الواقع أنه أمر عاجل و سري للغاية...هل تمانع من تناول قهوة الصباح معنا؟ ردد الكاتب في قلق شديد:- - قهوة الصباح فقط؟! أجابه رجل المخابرات:- - بالتأكيد صمت الكاتب بضع لحظات , و كأنما يدير الأمر في رأسه و يقول:- - موافق , سأرتدي ملابسي و أتصل بالجراج لإحضار السيارة و.... قاطعه الرجل بلهجة مهذبة:- - لا داعي...ستجد سيارتنا في إنتظارك أمام الباب ،،، ضاعف هذا الرد من توتر الكاتب الصحفي "م ص" و قلقه , إلا أنه ارتدى ثيابه بسرعة , ثم هبط من منزله ليجد من يستقبله أمام السيارة بتحية حارة , وفتح له الباب الخلفي في إحترام , ثم إنطلق في شوارع القاهرة نحو أحد المباني التابعة لجهاز المخابرات العامة , فاستقبل رجل المخابرات الكاتب الصحفي بإبتسامة ودود و قال له رجل المخابرات:- - تقبل إعتذارنا مرة أخرى يا أستاذ "م ص" ولكنك عندما تعرف لماذا طلبنا مقابلتك ستقدر موقفنا جيداً ،،، لم تكن الكلمات كافية لإزالة توتر الكاتب الصحفي , و لكن أسلوب رجل المخابرات البسيط , و طريقته المباشرة في شرح الأمور , و توضيحه لأهمية تعاون الأستاذ "م ص" مع الجهاز , كلها أزاحت حواجز التوتر والقلق وجعلت الكاتب يستمع في اهتمام و انتباه و يتفاعل مع الموقف بكيانه كله. و الطريف أن رجل المخابرات لم يشرح للكاتب حقيقة الموقف قط... كل ما قاله هو أنهم يحاولون إجراء تجربة علمية , لما يمكن أن يحدث لو لجأ العدو إلى أسلوب الحرب البكتروبيولوجية , و نشر نوعاً من الميكروبات في البلد و خاصةً في المستشفيات , وأن أفضل وسيلة إجراء لمثل هذه التجربة دون إثارة الذعر؛ هي إدّعاء وجود ميكروب معروف , يلوث عدداً من المستشفيات , مما يُحتّم إخلاءها بأقصى سرعة.. و إقتنع الأستاذ "م ص" تماماً بحديث رجل المخابرات , بل تحمس له بشدة... و في الصباح التالي مباشرة , نشرت جريدة الأهرام خبر إخلاء مستشفى الدمرداش من المرضى بسبب تلوث معظم عنابره بميكروب التيتانوس... ثم جاء دور الأستاذ "م ص" في مقال ملتهب إستنكر فيه ما حدث في مستشفى الدمرداش و عزاه إلى الإهمال و الإستهتار , ثم تسائل في النهاية عمّا إذا كان الأمر يقتصر على هذا المستشفى وحده أم أن مسلسل الإهمال قد بلغ بعض المستشفيات الأخرى..!؟ و في اليوم التالي خرج بمقال أخر حول الموضوع نفسه....ثم مقال ثالث , و مع رد إنفعال الجماهيري , و بناءً على هذه الحملة الصغيرة الساخنة , أصدرت وزارة الصحة قراراً بإجراء تفتيش على باقي المستشفيات الأخرى. و الطريف أنها أسندت تلك المهمه إلى الطبيب نفسه من قبيل المصادفة. و إنطلق الطبيب يواصل مهمته و يجري التفتيش على عدد كبير من المستشفيات , و من ضمنها تلك التي تحتل القائمة التي وضعها رجال المخابرات و وزارة الدفاع. و لم يكد أكتوبر يأتي حتى كان العدد المطلوب من المستشفيات قد تم إخلاؤه نهائياً , و نشرت جريدة الأهرام تحقيقاً علنياً حول هذا الأمر , مع صور الأسرّة الخالية و عمليات التطهير المستمرة... و التقط رجال المخابرات أنفاسهم في إرتياح لنجاح الخطة , ثم عادوا يكتمونها في قلق شديد , خشية أن يكشف العدو الأمر قبل إندلاع الحرب , و لكن هذا لم يحدث و الحمد لله..... وبعد الحرب ، وظهور أعداد من الجرحى والمصابين ، و عندما تحركت كتائب الإسعاف لنقلهم إلى الخطوط الخلفية , و توفير أفضل عناية و رعاية لهم , كانت كل المستشفيات المطلوبة خالية , و مُعدّة لاستقبالهم , و توفير كل الخدمات الطبية لكل واحد منهم.... هذا لأن الخدعة قد نجحت نجاحاً منقطع النظير..! | |
|