اليمن تبتسم لمصر بعيون باكية
احمد عقيل الجشعمي
شبكة النبأ: من الواضح جدا ان الانتفاضات العربية الأخيرة لازالت تحقق الانجازات العظيمة لاسيما بعد ان أرغمت رئيسا على الهروب من البلد وترك الحكم والرئاسة والآخر أرغمته الحشود المتوحدة بإصرارها على التنحي عن كرسي الحكم بعد نظاما حادا ودكتاتوريا لمدة تجاوزت الخمسة والعشرين سنة.
وهاهي تثور في بلد آخر وهو اليمن الذي يعاني الكثير من الصعوبات على الصعيد العام للحياة حيث ان الشعب يعاني من الجوع ونقص الخدمات وشحة فرص العمل والأسوء من ذلك فهي تعاني من استغلال تنظيم القاعدة لأراضيها كونها تحوي على مساحات واسعة من الجبال او الصحاري التي يمكن ان تختبئ بها الجماعات المسلحة.
لذلك انتفض الشعب مطالبا بحقوقه من الدولة والرئيس وإذا لم يستطيعوا ان ينفذوا ذلك للشعب فهم مطالبين بالاستقالة والخروج من الحكم، وبدورها فأن الحكومة اليمنية بقيادة الصالح رئيس الدولة بتقديم بعض التنازلات لتهدئة الأوضاع وطمأنة الشارع اليمني ولكن الحشود المنتفضة والمعارضة لا ترضى بذلك كونها تؤكد على ان هذه التنازلات خطية فقط ولا نرى تطبيق على ارض الواقع، في حين شككت الكثير من الجهات من محللين سياسيين وشخصيات سياسية كبيرة على ان الرئيس اليمني لطالما كان يخلف بوعده والتاريخ له دلائل على ذلك فهو يستغل الأوضاع الملتهبة ويقوم بإعطاء العهود الكاذبة للخداع من ثم يعود ويتراجع عن قراراته ولحد الان لا احد يعلم ما سيحدث في اليمن هل ستحقق العدالة كباقي الدول العربية ام هناك حديث اخر.
اليمنيون يحتفلون وزيادة التوتر
فقد احتفل اليمنيون في الشوارع بأنحاء البلاد بسقوط الرئيس المصري حسني مبارك في الوقت التي خطط فيه الرئيس اليمني علي عبد الله صالح للاجتماع مع القادة السياسيين والعسكريين للبلاد.
وبينما تغنى اليمنيون بالأغاني الثورية المصرية في الشوارع وانطلقت أبواق السيارات قال محللون في صنعاء ان التوتر في اليمن اصبح ملموسا في الليلة التي انتهى فيها حكم مبارك بعد 30 عاما قضاها في السلطة.
وقال فؤاد مسعد المحلل السياسي اليمني ان القرارات التي من المقرر مناقشتها في الاجتماع تعبير عن القلق ومحاولة لامتصاص الغضب بين الفقراء. واتخذ صالح - الذي يحكم اليمن منذ 32 عاما - أجرأ خطوة في محاولة لتفادي الاضطرابات عندما تعهد بالتنحي في نهاية فترته الرئاسية في 2013. ولم تستجب المعارضة بعد لدعوته لها بالانضمام الى حكومة وحدة وطنية.
وقالت وكالة الانباء اليمنية الرسمية انه من المقرر أن يشهد الاجتماع مناقشة إجراءات تحديث القوات المسلحة وتحسين الاقتصاد في اليمن افقر الدول العربية والتي يتخذ منها جناح القاعدة في جزيرة العرب مقرا.
ومن المقرر أيضا أن يتضمن الاجتماع بين الرئيس اليمني وكبار القادة السياسيين والامنيين مناقشة خطة زيادة رواتب موظفي الدولة ورجال الجيش وهي الزيادة الثانية المزمعة منذ الشهر الماضي عندما خطط صالح لزيادة بحوالي 47 دولارا. بحسب وكــالة الانباء البريطانية.
وتشير الخطوة الى أن صالح يحاول ضمان استمرار ولاء الجيش في حالة وقوع اضطرابات في اليمن. وبعد سقوط مبارك تجمع مئات اليمنيين في صنعاء أمام السفارة المصرية يحملون لافتات يهنئون فيها الشعب المصري. وهتف اخرون "يا حكام صح النوم.. هذا مبارك سقط اليوم".
وأطلق المحتفلون الأعيرة النارية في الهواء ابتهاجا بسقوط مبارك في مدينة الحبيلين التي شهدت عدة اشتباكات خلال الاشهر الاخيرة مع مسلحين يدعون الى انفصال الجنوب عن الشمال. وقالت حركة (الحراك الجنوبي) الانفصالية ان الشرطة فرقت مئات اليمنيين المحتفلين في شوارع عدن حيث انتشرت الشرطة بكثافة منذ الصباح الباكر للتصدي لاحتجاجات انفصالية.
ويقول خبراء في الشؤون اليمنية ان الخطر الحقيقي على حكم صالح يكمن في انضمام المعارضة السياسية الى الجماعات المتمردة مثل الانفصاليين في الجنوب أو المتمردين الشيعة في الشمال الذين عقد معهم صالح هدنة هشة. وخرج نحو 3000 محتج في جنوب اليمن للمطالبة بالانفصال لكن أغلب الاحتجاجات فرقتها الشرطة بسرعة.
محتجون يمنيون
من جانبه قال شهود ان محتجين مناهضين للحكومة اشتبكوا مع الشرطة التي تحاول منعهم من التقدم نحو قصر الرئاسة اليمنية في صنعاء مؤخرا.
وكانت المعارضة وافقت قبل قليل من الاشتباكات على الدخول في محادثات مع الرئيس علي عبد الله صالح الحريص على تجنب اندلاع ثورة في بلاده على غرار ما حدث في مصر. وهتف المحتجون قائلين ان الشعب اليمني يريد اسقاط النظام وذلك خلال مظاهرة شارك فيها نحو الف شخص قبل ان يخرج العشرات في مسيرة الى القصر الرئاسي. وقالوا ان ثورة يمنية ستلي الثورة المصرية.
واكتسبت احتجاجات متفرقة مناهضة للحكومة اليمنية زخما في الآونة الاخيرة. وشارك عشرات الالاف في وقت سابق في "يوم الغضب" الذي قادته المعارضة للمطالبة بتغيير الحكومة مستلهمين الاحتجاجات الشعبية في تونس ومصر. واشتبك محتجون مؤيدون ومعارضون للحكومة في الايام الاخيرة.
وقال مسؤولو المعارضة ان عشرة محتجين اعتقلوا في صنعاء واحتجز 120 في مدينة تعز حيث فرقت السلطات مظاهرة. وقال شهود ان اربعة اشخاص اصيبوا في اشتباكات صنعاء حيث استخدمت الشرطة الهراوات ضد المحتجين الذين ردوا بإلقاء الحجارة. وكان صالح الذي يتولى السلطة منذ أكثر من ثلاثة عقود والقلق من الاضطرابات في بعض مناطق العالم العربي اعلن انه سيتخلى عن منصبه عندما تنتهي فترة ولايته الحالية عام 2013 وتعهد بعدم توريث الحكم لابنه. ودعا المعارضة لإجراء محادثات. بحسب وكالة الانباء البريطانية.
وقال وزير الخارجية اليمني السابق والسياسي المعارض حاليا محمد باسندوة ان المعارضة لا ترفض ما جاء في دعوة الرئيس وانها مستعدة لتوقيع اتفاق في اقل من اسبوع مضيفا ان المحادثات يجب ان تضم مراقبين غربيين او خليجيين.
وذكر ان التجارب الماضية هي التي دفعت المعارضة لطلب مراقبين من اصدقاء اليمن من الدول المانحة. ومن شأن عدم الاستقرار في اليمن ان يشكل مخاطر سياسية وامنية لدول الخليج. وتعتمد الولايات المتحدة بشدة على صالح للمساعدة في محاربة جناح للقاعدة يتخذ من اليمن مقرا له وينفذ هجمات في السعودية أيضا.
وسبق ان تراجع صالح عن وعوده بالتنحي. ويقول محللون ان التنازلات التي قدمها يمكن ان تكون سبيلا للخروج الكريم لكنه ربما يأمل ان يتجنب اضطرابات اقليمية ويعيد تأكيد هيمنته مستقبلا. وتريد المعارضة اليمنية ضمانات على ان الاصلاحات ستنفذ وتطالب بتحسين الظروف المعيشية لليمنيين الذين يعيش نحو 40 في المئة منهم على اقل من دولارين في اليوم في حين يعاني ثلثهم من جوع مزمن.
خطب ود المعارضة
كما قال اليمن انه تلقى رد فعل عالمي ايجابي لعرض قدمه الرئيس علي عبد الله صالح بالتنحي عند انتهاء ولايته الرئاسية الحالية في 2013 لكنه لا يزال يحاول جذب المعارضة نحو مائدة التفاوض.
وقالت المعارضة اليمنية ان الحوار الذي كان مقررا له أن يبدأ مسبقا تأجل حتى تتمكن من التشاور مع رموز المعارضة في الخارج. وقال رئيس الوزراء اليمني علي محمد مجاور عقب محادثات بين وزير الخارجية البريطاني الزائر وليام هيج وصالح ان رد الفعل الخارجي كان جيدا وابدى اسفه لعدم استجابة المعارضة حتى الآن.
وأضاف مجاور ان هناك ترحيبا كبيرا من بريطانيا بمبادرة الرئيس التي قال انها جاءت في الوقت المناسب. وأشار الى أن ذلك التنازل قدمه الرئيس من أجل صالح اليمن.
وكان هذا الاجراء الذي رافقته تنازلات من بينها تجديد الدعوة لتشكيل حكومة وحدة وطنية اشجع مناورات صالح حتى الان لتجنيب البلاد الاضطرابات والاصطدام بالمتظاهرين في البلد الفقير الحليف للولايات المتحدة في معركتها ضد تنظيم القاعدة.
لكن المبادرة فشلت في منع عشرات الالاف من اليمنيين من المشاركة في احتجاجات دعت اليها المعارضة تحت اسم "يوم الغضب" للمطالبة بتغييرات في الحكومة على نمط الاحتجاجات التي أطاحت بالرئيس التونسي زين العابدين بن علي وتهدد الرئيس المصري حسني مبارك. وفي المقابل شاركت اعداد كبيرة في مظاهرة موالية للحكومة ومضادة للاحتجاجات الأولي. وقال مسؤولون يمنيون ان وزير الخارجية البريطاني الذي يزور صنعاء في اطار جولة اقليمية التقى صالح وسيعقد محادثات مع زعماء المعارضة. بحسب وكالة الانباء البريطانية.
وقال هيج "بحثنا القضايا السياسية والإصلاحات الدستورية ومحاربة الإرهاب." وقال مسئولون يمنيون ودبلوماسي غربي ان هيج سيحاول اقناع المعارضة بالاستجابة لمبادرة صالح. وقالت المعارضة انها تريد رقابة غربية وخليجية للحوار مع الحكومة.
وقال المتحدث باسم المعارضة محمد قباطي انهم تلقوا المبادرة رسميا وإنهم بحاجة لبحثها على ان يردوا خلال ايام. وأضاف أنهم في المعارضة يريدون أن تشرف مجموعة أصدقاء اليمن على الحوار كي تضمن تنفيذ التعهدات في اشارة الى جهات مانحة غربية واجنبية ستلتقي في الرياض في الفترة القادمة.
التنحي خطوة ماكرة
بينما وعد الرئيس اليمني علي عبد الله صالح -الذي يواجه احتمال اندلاع احتجاجات على غرار تلك التي تشهدها تونس ومصر- بإنهاء حكمه المستمر منذ ثلاثة عقود في 2013 لكن منتقدين ربما لديهم أسباب للشك في صدقه.
وسبق لصالح -وهو حليف للولايات المتحدة في الحرب على تنظيم القاعدة ويستخدم الدهاء السياسي للبقاء في الحكم- ان تراجع عن وعود سابقة للتنحي. ويمكن أن يكون أحدث وعوده محاولة صادقة للخروج بكرامة لكنه ربما يسعى ايضا للانتظار حتى تنتهي الاضطرابات التي تشهدها دول في المنطقة ليعيد تأكيد سيطرته في وقت اخر.
وقالت لوسي جونز محللة شؤون الشرق الاوسط في مجموعة كونترول ريسكس في لندن "أعتقد أن وعده عدم ترشيح نفسه مجددا يجب أن يؤخذ بقدر كبير جدا من الحذر. لقد قطع هذا النوع من الوعود في السابق. فعل ذلك في 2006 في انتخابات الرئاسة السابقة ثم تراجع بعد ذلك عن قراره."
وقال تيودور كاراسيك محلل شؤون الامن ان التنازلات كبيرة وخطوة ذكية من زعيم ربما يريد أن يترك الحكم بشروطه ليكون له تأثير على انتقال السلطة. ومن بين تنازلات صالح تعهده بعدم نقل السلطة الى ابنه وعرضه تشكيل حكومة وحدة فضلا عن وعود أخرى مثل التخلي عن اجراء تعديلات دستورية مقترحة بفكرة الغاء أو تعديل عدد فترات الرئاسة.
ويقول محللون كثيرون ان صالح يمارس عمله على طريقته المعتادة. وقال جريجوري جونسن محلل شؤون اليمن بجامعة برينستون "هذه هي الكيفية التي حكم بها الرئيس صالح دائما. يريد الرئيس البقاء في السلطة ويبذل كل ما في وسعه لضمان ذلك. همه الاكبر هو ألا يؤدي ذلك الى انهاء حكمه في الوقت الحالي. أيا كان ما سيحدث في 2013 سيتعامل معه في حينه." بحسب وكالة الأنباء البريطانية.
ويتمتع صالح -ذو الخلفية العسكرية- بدهاء سياسي واستغل ولاءات قبلية وصفقات سياسية للسيطرة على التحديات. وتحاول حكومته التي تعاني ضائقة مالية قمع جناح تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية الذي يتمركز في اليمن بالقرب من السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم. كما تسعى للقضاء على حركة انفصالية متزايدة العنف في الجنوب وتدعيم هدنة هشة مع متمردين شيعة في الشمال.
ويكافح اليمن أيضا للتصدي لمعدل مرتفع للبطالة وتناقص المخزونات النفطية والمائية. ويعيش قرابة نصف اليمنيين البالغ عددهم 23 مليون نسمة على دولارين أو اقل في اليوم ويعاني ثلثهم جوعا مزمنا. وتكمن المخاطر الان في أن صالح اذا لم يلتزم بوعوده فمن المحتمل أن تضم جماعات مختلفة قواها الى أحزاب المعارضة الرئيسية لتوحيد صفوفها ضد صالح.
وقال شرقية "ثمة علاقة مباشرة بما يجري في مصر.. صالح بارع في البقاء ورجل ذكي.. ما تعلمه من مصر هو أنه اذا خرج الناس إلى الشوارع فلا عودة." وراقب صالح عن كثب التونسيون وهم يطيحون برئيسهم في يناير كانون الثاني وعندما خرج مئات الالاف من المصرين في احتجاجات لمحاولة ارخاء قبضة الرئيس حسني مبارك على السلطة المستمرة منذ 30 عاما.
وحتى التنازلات الأخرى التي قدمها صالح في كلمة الى حكومته وقادة جيشه أظهرت قدرته على استغلال ظروف سياسية غير مواتية لصالحه. اذ وعد صالح بإعادة فتح الباب لتسجيل الناخبين الامر الذي يلبي مطلبا لقوى المعارضة الرئيسية التي شكت من استبعاد 1.5 مليون شخص من قوائم الناخبين.
ومن شأن ذلك أن يؤجل الانتخابات البرلمانية التي كان من المقرر اجراؤها في ابريل نيسان والتي كانت المعارضة تنوي مقاطعتها قائلة انها لن تكون نزيهة. وقال جونسن "لا أعتقد أن الرئيس صالح يريد أن تجرى اي انتخابات في المناخ السياسي الحالي. يمكن أن يعتبر ذلك تنازلا للمعارضة. لكن المعارضة في اليمن ما زالت ضعيفة ولذا فسيحاول استغلال ما يحدث أيا كان لصالحه."
تعرض موقع الرئيس صالح للقرصنة
فيما نفت وزارة الاتصالات اليمنية كما نقلت عنها وكالة الانباء اليمنية الرسمية تعرض موقع الرئيس علي عبد الله صالح الالكتروني للقرصنة. ويواجه الرئيس اليمني حركة احتجاج متنامية في البلاد.
وقالت الوكالة "نفى مصدر مسؤول بوزارة الاتصالات وتقنية المعلومات صحة الانباء التي زعمت ان موقع فخامة الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية على الانترنت تعرض للقرصنة". وأضافت الوكالة ان "موقع رئيس الجمهورية الذي تديره وكالة الأنباء اليمنية يعمل على مدار الساعة بشكل طبيعي، ولم يتعرض لأي قرصنة، وبإمكان اي متصفح الدخول إليه في أي وقت".
وتعذر على مستخدمي الانترنت الدخول الى موقع الرئيس اليمني بعد دعوات الى حجبه اطلقتها مجموعة "انونيمس" لقراصنة المعلوماتية التي استهدفت سابقا مواقع رسمية للحكومتين التونسية والمصرية. وأطلق على هذا الهجوم الالكتروني اسم "عملية اليمن" بحسب المدونة الاميركية "فالي واغ" المتخصصة في أخبار التكنولوجيا. بحسب وكالة أنباء فرانس برس.
ويواجه النظام اليمني حركة احتجاج متصاعدة، واحكم مؤيدو الرئيس اليمني سيطرتهم على الساحة الرئيسية في صنعاء بعد ان تمكنوا من إخراج المعارضة منها. وتستخدم مجموعة "انونيمس" أسلوب هجمات يقضي بتعطيل امكان تصفح موقع الكتروني من خلال دخول اعداد هائلة من المستخدمين إليه في وقت واحد.