حرب أكتوبر هي إحدى جولات الصراع العربي الإسرائيلي. هي حرب لاسترداد شبه
جزيرة سيناء و الجولان التي سبق أن احتلتهما إسرائيل والمحصلة النهائية هي
تدمير خط بارليف وعبور قناة السويس واسترداد أجزاء منها ومن ثم استرداد
سيناء كاملة وقد اندلعت الحرب عندما قام الجيشان المصري والسوري بهجوم
خاطف على قوات الجيش الإسرائيلي التي كانت منتصبة في شبه جزيرة سيناء
وهضبة الجولان ، وهي المناطق التي احتلها الجيش الإسرائيلي من مصر وسوريا
في حرب 1967.
كان خط بارليف وهو أقوى خط دفاعي في التاريخ الحديث يبدأ من قناة السويس
وحتى عمق 12 كم داخل شبه جزيرة سيناء على امتداد الضفة الشرقية للقناة
وهو من خطين: يتكون من تجهيزات هندسية ومرابض للدبابات والمدفعية وتحتله
احتياطيات من المدرعات ووحدات مدفعية ميكانيكية ، بطول 170 كم على طول قناة
السويس. بعد عام 1967 قامت إسرائيل ببناء خط بارليف ، والذي إقترحه حاييم
بارليف رئيس الاركان الإسرائيلي في الفترة ما بعد حرب 1967 من أجل تأمين
الجيش الإسرائيلي المحتل لشبه جزيرة سيناء.ضم خط بارليف 22 موقعا دفاعيا ،
26 نقطة حصينة ، و تم تحصين مبانيها بالاسمنت المسلح والكتل الخرسانية و
قضبان السكك الحديدية للوقاية ضد كل أعمال القصف ، كما كانت كل نقطة تضم
26 دشمة للرشاشات ، 24ملجأ للافراد بالإضافة إلى مجموعة من الدشم الخاصة
بالأسلحة المضادة للدبابات ومرابض للدبابات والهاونات ،و 15 نطاقا من
الأسلاك الشائكة ومناطق الألغام وكل نقطة حصينة عبارة عن منشأة هندسية
معقدة وتتكون من عدة طوابق وتغوص في باطن الأرض ومساحتها تبلغ 4000 متراً
مربعا وزودت كل نقطة بعدد من الملاجئ و الدشم التي تتحمل القصف الجوي وضرب
المدفعية الثقيلة، وكل دشمة لها عدة فتحات لأسلحة المدفعية والدبابات ،
وتتصل الدشم ببعضها البعض عن طريق خنادق عميقة، وكل نقطة مجهزة بما يمكنها
من تحقيق الدفاع الدائري إذا ما سقط أي جزء من الأجزاء المجاورة ، ويتصل
كل موقع بالمواقع الأخرى سلكيا ولاسلكيا بالإضافة إلى اتصاله بالقيادات
المحلية مع ربط الخطوط التليفونية بشبكة الخطوط المدنية في إسرائيل
ليستطيع الجندي الإسرائيلي في خط بارليف محادثة منزله في إسرائيل .تميز خط
برليف بساتر ترابى ذو ارتفاع كبير (من 20 الي 22 متر) وانحدار
بزاوية45درجة علي الجانب المواجة للقناة ، كما تميز بوجود 20 نقطة حصينة
تسمى دشم علي مسافات تتراوح من 10 الي 12 كم وفي كل نقطة حوالي 15 جندي
تنحصر مسؤليتهم علي الإبلاغ عن أي محاولة لعبور القناة و توجية المدفعية
الي مكان القوات التي تحاول العبور.
كما كانت عليه مصاطب ثابتة للدبابات ، بحيث تكون لها نقاط
ثابتة للقصف في حالة استدعائها في حالات الطوارئ. كما كان في قاعدته
أنابيب تصب في قناة السويس لإشعال سطح القناة بالنابالم في حال حاولت
القوات العبور، ولكن قبل العبور قامت الضفادع البشرية وهي قوات بحرية خاصة
بسد تلك الأنابيت تمهيداً لعبور القوات في اليوم التالي.روجت إسرائيل
طويلا لهذا الخط علي أنة مستحيل العبور وأنه يسطيع إبادة الجيش المصري إذا
ما حاول عبور قناة السويس ، كما أدعت أنه أقوى من خط ماجينوه الذي بناه
الفرنسيون في الحرب العالمية.تمكن الجيش المصري في يوم السادس من أكتوبر
عام 1973 من عبور قناة السويس و اختراق الساتر الترابي في 81 مكان مختلف
وإزالة 3 ملايين متر مكعب من التراب عن طريق استخدام مضخات مياة ذات ضغط
عال ، قامت بشرائها وزارة الزراعة للتمويه السياسي ومن ثم تم الاستيلاء
على أغلب نقاطه الحصينة بخسائر محدودة ومن ال 441 عسكري إسرائيلي قتل 126 و
أسر 161 و لم تصمد إلا نقطة واحدة هي نقطة بودابست في أقصي الشمال في
مواجهة بورسعيد وقد اعترض أرئيل شارون الذي كان قائد الجبهة الجنوبية علي
فكرة الخط الثابت واقترح تحصينات متحركة وأكثر قتالية ولكنة زاد من
تحصيناته أثناء حرب الاستنزاف.وبلغت تكاليف خط بارليف 500 مليون دولار في
ذلك الوقت .
هدفت مصر وسورية إلى استرداد الأرض التي احتلتها إسرائيل بالقوة، بهجوم
موحد مفاجئ ، في يوم 6 أكتوبر الذي وافق عيد الغفران اليهودي، هاجمت
القوات السورية تحصينات وقواعد القوات الإسرائيلية في مرتفعات الجولان،
بينما هاجمت القوات المصرية تحصينات إسرائيل بطول قناة السويس و في عمق
شبه جزيرة.وقد نجحت مصر وسوريا في تحقيق نصر لهما، إذ تم اختراق خط بارليف
"الحصين"، خلال ست ساعات فقط من بداية المعركة ، بينما دمرت القوات
السورية التحصينات الكبيرة التي أقامتها إسرائيل في هضبة الجولان، كما
قامت القوات المصرية بمنع القوات الإسرائيلية من استخدام أنابيب النابالم
بخطة مدهشة، كما حطمت أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر، في سيناء
المصري والجولان السوري ، كما تم استرداد قناة السويس وجزء من سيناء في
مصر، وجزء من مناطق مرتفعات الجولان ومدينة القنيطرة في سورية.
في 6 أكتوبر 1973 قامت القوات الجوية المصرية بتنفيذ ضربة جوية على
الأهداف الإسرائيلية خلف قناة السويس عبر مطار بلبيس الجوي الحربي (يقع في
محافظة الشرقية - حوالي 60 كم شمال شرق القاهرة) وتشكلت القوة من 222
طائرة مقاتلة بقيادة قائد سلاح الجو المصري محمد حسني مبارك عبرت قناة
السويس وخط الكشف الراداري للجيش الإسرائيلي مجتمعة في وقت واحد في تمام
الساعة الثانية بعد الظهر على ارتفاع منخفض للغاية.وقد استهدفت الطائرات
محطات التشويش والإعاقة في أم خشيب وأم مرجم ومطار المليز ومطارات أخرى
ومحطات الرادار وبطاريات الدفاع الجوي وتجمعات الأفراد والمدرعات والدبابات
والمدفعية والنقاط الحصينة في خط بارليف ومصاف البترول ومخازن الذخيرة.
ولقد كانت عبارة عن ضربتين متتاليتين قدر الخبراء الروس نجاح الأولى بنحو
30% و خسائرها بنحو 40 ونظرا للنجاح الهائل للضربة الأولى والبالغ نحو 95%
وبخسائر نحو 2.5% تم إلغاء الضربة الثانية.
جاء الهجوم في 6 تشرين الأول/أكتوبر الواقع في 10 رمضان 1973
الذي وافق في تلك السنة عيد يوم الغفران اليهودي. في هذا اليوم تعطل
أغلبية الخدمات الجماهيرية، بما في ذلك وسائل الإعلام والنقل الجوي
والبحري، بمناسبة العيد.
وقد وافق هذا التاريخ العاشر من رمضان، وهو أيضاً تاريخ
ميلاد حافظ الأسد.تلقت الحكومة الإسرائيلية المعلومات الأولى عن الهجوم
المقرر في الخامس من أكتوبر (تشرين الأول) فدعت رئيسة الوزراء الإسرائيلية
غولدا ميئير بعض وزرائها لجلسة طارئة في تل أبيب عشية العيد، ولكن لم يكف
الوقت لتجنيد قوات الاحتياط التي يعتمد الجيش الإسرائيلي عليها.حدد
الجيشان المصري والسوري موعد الهجوم للساعة الثانية بعد الظهر حسب اقتراح
الرئيس السوري حافظ الأسد، بعد أن اختلف السوريون والمصريون على ساعة
الصفر. ففي حين يفضل المصريون الغروب يكون الشروق هو الأفضل للسوريين،
لذلك كان من غير المتوقع اختيار ساعات الظهيرة لبدء الهجوم.بدأت القوات
السورية الهجوم وأنطلق قذائف المدافع على التحصينات الإسرائيلية في
الجولان، واندفعت الآلاف من القوات البرية السورية إلى داخل مرتفعات
الجولان تساندها قوة كبيرة من الدبابات على الجبهة السورية، بينما كان
طيران سلاح الجو السوري يقصف المواقع الإسرائيلية، وعبر القناة 8,000 من
الجنود المصريين، ثم توالت موجتا العبور الثانية والثالثة ليصل عدد القوات
المصرية على الضفة الشرقية بحلول الليل إلى 60,000 جندي، في الوقت الذي
كان فيه سلاح المهندسين المصري يفتح ثغرات في الساتر الترابى باستخدام
خراطيم مياة شديدة الدفع.في الساعة الثانية تم تشغيل صافرات الإنذار في
جميع أنحاء إسرائيل لإعلان حالة الطوارئ واستأنف الراديو الإسرائيلي
الإرسال رغم العيد. وبدأ تجنيد قوات الاحتياط بضع ساعات قبل ذلك مما أدى
إلى استأناف حركة السير في المدن مما أثار التساؤلات في الجمهور
الإسرائيلي. وبالرغم من توقعات المصريين والسوريين، كان التجنيد الإسرائيلي
سهلا نسبيا إذ بقي أغلبية الناس في بيوتهم أو إحتشدوا في الكنائس لأداء
صلوات العيد. ولكن الوقت القصير الذي كان متوفرا للتجنيد وعدم تجهيز الجيش
لحرب منع الجيش الإسرائيلي من الرد على الهجوم المصري السوري المشترك .
تمكن الجيش المصري خلال الأيام الأولى من عبور قناة السويس وتدمير خط
بارليف الدفاعي الإسرائيلي المنيع. بدأ الهجوم في الجبهتين معاً في تمام
الساعة الثانية بعد الظهر بغارات جوية وقصف مدفعي شامل على طول خطوط
الجبهة. تحركت القوات السورية مخترقة الخطوط الإسرائيلية ومكبدة
الإسرائيليين خسائر فادحة لم يعتادوا عليها خلال حروبهم السابقة مع
المسلمين. خلال يومين من القتال، باتت مصر تسيطر على الضفة الشرقية لقناة
السويس وتمكن الجيش السوري من تحرير مدينة القنيطرة الرئيسية وجبل الشيخ
مع مراصده الإلكترونية المتطورة.حقق الجيش المصري إنجازات ملموسة حتى 14
أكتوبر حيث انتشرت القوات المصرية على الضفة الشرقية لقناة السويس، أما في
اليوم التاسع للحرب ففشلت القوات المصرية بمحاولتها لاجتياح خط الجبهة
والدخول في عمق أراضي صحراء سيناء و الوصول للمرات و كان هذا القرار بتقدير
البعض هو أسوأ قرار استراتيجي اتخذته القيادة أثناء الحرب لأنه جعل ظهر
الجيش المصري غرب القناة شبه مكشوف في أي عملية التفاف و هو ما حدث
بالفعل. في هذا اليوم قررت حكومة الولايات المتحدة إنشاء "جسر جوي"
لإسرائيل، أي طائرات تحمل عتاد عسكري لتزويد الجيش الإسرائيلي بما ينقصه
من العتاد.في ليلة ال15 من أكتوبر تمكنت قوة إسرائيلية صغيرة من اجتياز
قناة السويس إلى ضفتها الغربية وبدأ تطويق الجيش الثالث من القوات
المصرية.شكل عبور هذه القوة الإسرائيلية إلى الضفة الغربية للقناة مشكلة
تسببت في ثغرة في صفوف القوات المصرية عرفت باسم "ثغرة الدفرسوار" و قدر
اللواء سعد الدين الشاذلي القوات الإسرائيلية غرب القناة في كتابه
""مذكرات حرب أكتوبر"" بوم 17 أكتوبر بأربع فرق مدرعة وهو ضعف المدرعات
المصرية غرب القناة.وكان قائد ووزير الحربية المصري أشار إلى السيد الرئيس
محمد أنور السادات بأنه سوف يقوم بازالة الثغرة بالجنود الاسرائلين
والمصريين الموجودين بالثغرة وكان يوجد فيها قرابة أكثر من نصف الجيش
الإسرائيليى ولكن أمريكا تدخلت لإنقاذ الموقف .في 23 أكتوبر كانت القوات
الإسرائيلية منتشرة حول الجيش الثالث مما أجبر الجيش المصري على وقف
القتال.في 24 تشرين الأول (أكتوبر) تم تنفيذ وقف إطلاق النار.