إحصاءات وأرقام الصراع العربي الإسرائيلي
1- البعد العسكري للصراع
لا تزال مصادر التهديد العليا والمحتملة قائمة بين العرب وإسرائيل حيث
تلعب اعتبارات الأمن والسياسة الدور الأعظم في تحديد اتجاهات مسار
التفاعلات الإستراتيجية في المنطقة. وقد تميزت السياسات الخاصة بمعظم
الدول العربية وإسرائيل بالتركيز على التسلح المكثف وما يتضمنه من بقاء
المعدلات العالية من الإنفاق العسكري. وقد عرف الصراع العربي الإسرائيلي
في معظم فتراته سباقاً متواصلاً للتسلح ينبع في الأساس من الدور الذي
تؤديه إسرائيل في إشعال هذا السباق، فهي ترى أن عملية التحديث العسكري هي
مسألة لا تتوقف وتستمر بكثافة حتى في ظروف المفاوضات والتسوية السلمية.
وتتأسس السياسة الدفاعية الإسرائيلية بصفة عامة على أهمية الأخذ في
الاعتبار احتمال اندلاع حرب واسعة النطاق ليس فقط مع دول الطوق ولكن أيضا
في مواجهة احتمال تحالف عسكري واسع من الدول العربية يضم حتى الدول التي
وقعت معها معاهدات تسوية مثل مصر والأردن، والأكثر من ذلك احتمال توسيع
هذا التحالف بحيث يضم دولا إسلامية مثل إيران وباكستان.
ورغم الصعوبة العملية لإقامة مثل هذا التحالف فإن إسرائيل تصر على ضمان
تفوق الجيش الإسرائيلي على الجيوش العربية والإسلامية مجتمعة، إلى جانب
السعي لضمان عدم حدوث مفاجأة، بمعنى أن تبادر إسرائيل لضرب من يخطط للهجوم
عليها قبل أن يفعل ذلك، وذلك في إطار إعطاء الأولوية القصوى للتطوير
المستمر لسلاح الجو الإسرائيلي لدوره المركزي المعتاد في الحروب التي
تشنها إسرائيل.
التكنولوجيا العسكرية الإسرائيلية
استثمرت إسرائيل دروس الحرب الحديثة مثل حرب
الخليج الثانية وحرب البلقان، كما تعمل على تدشين هيكل جديد للقوة
العسكرية يستفيد من التغيرات المروعة في مجال التكنولوجيا العسكرية. وهكذا
تسعى إسرائيل إلى تقليل حجم الجيش والاستغناء عن الحجم بتحسين نوعية
التدريب والتسليح انطلاقا من أن الحجم الكبير للجيش يمثل عبئا ضخما على
الاقتصاد الإسرائيلي. وقد تجسد هذا المسعى عمليا في ظل حكومة حزب العمل
(1992-1996)، وذلك في الخطة العشرية (1992-2002) التي صاغتها المؤسسة
العسكرية الإسرائيلية لتحديث القوات المسلحة وتطويرها. وتضمن التطوير أيضا
في ظل حكومة إيهود باراك (1999) مضاعفة الاهتمام بتطوير النظرية الأمنية
الإسرائيلية، إذ قامت هذه النظرية تقليديا على أساس نقل الحرب إلى أراضي
العدو واحتلال أراض حيوية تابعة له تمهيدا للتمسك بها كورقة مساومة لوقف
إطلاق النار وضمان تسوية تمكن إسرائيل من فرض شروطها.
وتشمل خطة التطوير نظرية العمليات الإسرائيلية للتعامل مع مقتضيات "ميدان
القتال المستقبلي"، وفي ذلك شددت على ثلاثة أهداف رئيسية إستراتيجية
وعسكرية هي:
ضرورة الحفاظ على الجيش الإسرائيلي كأقوى جيش في المنطقة بحيث يستطيع تحقيق النصر على أي دولة أو تحالف مستقبلا.
تحديث الرادع النووي الإسرائيلي بما يمكن إسرائيل من إدخال وسائل إيصال نووي منيعة مثل غواصات دولفين الجديدة.
إبطال مفعول التهديد الصاروخي العربي عن طريق
الصواريخ "حيتس" (السد) المضادة للصواريخ والتي دخلت بالفعل في الخدمة
العملياتية في الجيش الإسرائيلي.
وقد ازداد سلاح الجو الإسرائيلي إلى حد أن وصف
بعض المحللين الإسرائيليين الجيش الإسرائيلي بأنه سوف يكون عبارة عن "جيش
طائر"، ومن هنا أنفقت إسرائيل نحو عشرة مليارات دولار في سنوات التسعينيات
من القرن العشرين على شراء طائرات القتال إلى جانب مليارات أخرى على
الطائرات المروحية سواء كانت قتالية أو خاصة بأغراض النقل، وطائرات الشحن
والتجسس.
وبينما تخصص إسرائيل غالبية ميزانيتها العسكرية لتعزيز الصناعات العسكرية
والأبحاث في مجال تكنولوجيا السلاح فإن الدول العربية توجه معظم
ميزانياتها العسكرية لعقد صفقات عسكرية جديدة.
البرامج العسكرية الإستراتيجية لدى الطرفين
أولاً: على المستوى الإسرائيلي
على مستوى القوة العسكرية
الإسرائيلية التقليدية هناك التأكيد على الاحتفاظ بقوة عسكرية صغيرة الحجم
نسبيا وتقليل مدة الخدمة العسكرية للأفراد وخفض عدد قوات الاحتياط، ولكن
برز الاهتمام بزيادة حجم القوات المدرعة -سواء من حيث الكم أو النوع-
بالتوسع في إدخال الدبابة الإسرائيلية المتطورة "ميركافا/3" وتحسين ذخائر
المدفعية، وتنفيذ خطة لتطوير القوات الجوية، وإدخال أنظمة تسليح متطورة
للقاذفات مثل صاروخ "دليله أي آر" المتطور والمصمم للتشويش على أنظمة
الرادار وشبكات الدفاع الجوي، إلى جانب توقيع صفقتين مع الولايات المتحدة
بقيمة 1.2 مليار دولار لمد إسرائيل بحوالي 23 مقاتلة من طراز "إف/15 أي"
وهي من أحدث المقاتلات، إلى جانب توريد 54 محرك طائرة للطراز نفسه، كما
زودت واشنطن تل أبيب بنحو 35 مقاتلة أخرى من الطراز نفسه في أواخر القرن
العشرين.
وتهتم إسرائيل كذلك بشراء طائرات الاستطلاع الأميركية المتقدمة من طراز
"أي/8 سي" التي يمكنها القيام بأعمال المراقبة والرصد والمتابعة لتحركات
المركبات والمروحيات وإدارة وتوجيه عمليات تصويب الأسلحة نحو أهدافها في
مساحة تزيد على 93 ميلا مربعا، كما تم التوسع في استخدام المروحيات
الهجومية.
وشملت خطة تطوير القوات البحرية الإسرائيلية زيادة عدد الغواصات والتوسع في بناء وشراء زوارق الصواريخ من طرازي "إيلات ورامات".
واستمرت إسرائيل في برنامج الفضاء الخاص بها الذي حقق نقلة نوعية في إطار
التحالف الإستراتيجي مع الولايات المتحدة وخصوصا برنامج "حرب النجوم" ثم
برنامج "الدفاع الصاروخي" أو "الدفاع المضاد للصواريخ" الذي يمكن إسرائيل
من الاستفادة القصوى من تكنولوجيا الفضاء للأغراض العسكرية والسلمية.
وأطلقت إسرائيل القمر الصناعي الثالث "أوفك/3" الذي يتمتع بقدرات تقنية
متقدمة في ميدان التجسس العسكري وأعمال المراقبة والكشف والتتبع. وأجرت
كذلك تجارب عديدة على الجيل الثاني من الصاروخ "أرو/2" المضاد للصواريخ،
إلى جانب امتلاك إسرائيل صاروخ أرض/أرض من طراز "أريحا/1، 2) الذي يصل
مداه إلى 1650 كلم و"أريحا/3" الجاري إنتاجه وينتظر أن يصل مداه إلى 2700
كلم.
ثانياً: على المستوى العربي
الواقع أن دول الطوق العربية حرمت من الاستفادة من التكنولوجيا المتقدمة
للغاية في ميادين الصناعة العسكرية وصناعة وتطوير الصواريخ واستخدام
الفضاء للأغراض العسكرية، وذلك بفعل القيود الأميركية والغربية الشديدة
على نقل هذه التكنولوجيا إلى الدول العربية.