في مساء الاثنين 12 ديسمبر الجاري وبينما كان العالم يحتفل بالذكري الـ110
لأول بث للموجات الكهرومغناطيسية المستخدمة في التليفون المحمول كانت وحدة
المخابرات الحربية الإسرائيلية 8200 المتخصصة في التجسس علي الاتصالات
المصرية تحتفل بافتتاح مركز «حرب البعد الخامس» للتنصت اعتمادا علي تقنيات
شركة «ناروس» الإسرائيلية - الأمريكية التي قاد تصميم برامجها وأنشأها
الضابط الإسرائيلي «أوري كوهين»خبير الاتصالات في عام 1997 والمملوكة حاليا
لشركة «بوينج» الأمريكية التي اشتري رئيس الوزراء الأسبق «أحمد نظيف»
نظامها للتنصت والتجسس علي الشبكات المصرية وكشفت قصتها شبكة «سي إن إن»
الأمريكية في فيلم لدينا نسخة منه بينما بيانات «ناروس» في موقعها علي شبكة
الإنترنت لا تنكر حقيقة وجودها الآن داخل شبكات الاتصالات المصرية.
لا
يمكن لأحد أن ينكر أن «ناروس» إسرائيلية أمريكية وأنها صممت في الوحدة
8200 الإسرائيلية للتجسس والتصنت علي الاتصالات وأنها مملوكة بنظام الشراكة
منذ 2010 لشركة بوينج الأمريكية بل إن ناروس معروف في كل العالم أن
برامجها تتجسس علي المصريين وهي مذكورة في قانون «الباتريوت أكت» أو العمل
الوطني الأمريكي 11/9 لمكافحة الإرهاب.
نظام ناروس يمكنه تحليل
وفلترة بلايين المحادثات الهاتفية لأي شبكة اتصالات في العالم وهو ذلك
النظام الذي أنتجت هوليوود عنه الأفلام السينمائية حين تتجسس المخابرات
المركزية الأمريكية علي اتصالات الشعب الأمريكي وأشهرها فيلم «إينمي أوف ذا
ستيت» عدو الدولة.
ناروس تستخدم نظام يعرف بـ»ديب باكيت
إينسبيكشن» أو حزم المراقبة العميقة وهو نظام يمكنه التنصت في توقيت واحد
علي كل المحادثات الهاتفية المصرية بأنواعها ويقوم علي مدار الساعة بتحليل
المحادثات وتسجيلها عن طريق تنصت عشوائي عملاق يمكنه تسجيل عشرات الملايين
من المحادثات الهاتفية الأرضية واللاسلكية مرة واحدة.
المثير أن
نظام ناروس لا يحلل فقط بل يمكن برمجته علي متابعة صوت مشترك بعينه علي
مدار الساعة فيقوم النظام حتي لو تحدث ذلك المشترك بلغات أجنبية أخري
بتسجيل محادثات ذلك الشخص تمهيدا لتحليلها.
لا جدال أن ناروس من
أفضل أنظمة التجسس علي شبكات الهاتف أو حتي الكمبيوتر بالأسواق لدرجة جعلت
شركة «إيه تي أند تي» الأمريكية الشهيرة تستخدمه للمراقبات الإلكترونية بل
أنه النظام الرسمي لهيئة الأمن القومي الأمريكي.
المعلومات منشورة
حيث انتج وصمم نظام «ناروس» بواسطة طاقم مهندسين من الموساد الإسرائيلي بل
إن أحد مصممي النظام وهو الإسرائيلي «يعقوب ألكساندر» الشهير باسم «كوبي»
تجسس مستخدما البرنامج علي اتصالات البورصة الأمريكية وعندما كشفته المباحث
الفيدرالية الأمريكية عام 2006 هرب إلي نامبيا في إفريقيا بمئات الملايين
من الدولارات حيث يتنقل حاليا هاربا ولاتزال السلطات الأمريكية تطلب من
نامبيا تسليمه.
تاريخيا طبقا للمنشور صمم نظام «ناروس» عام 1997 في
إسرائيل بأفكار «أوري كوهين» و»ستاس كيرمان» اللذين لا نجدهما حاليا في
تشكيلة مجلس إدارة الشركة التي نقلت ملكيتها بالمشاركة مع الطرف الإسرائيلي
لشركة بوينج العالمية عام 2010 مع أن أوري كوهين كما توضح بيانات «ناروس»
مشاركا في الملكية حتي يومنا هذا.
ولمعرفة مدي حرفية «ناروس» يكفي
الاشارة لأحد مديريها التنفيذيين وهو «وليام كرويل» المدير السابق لوكالة
الأمن القومي الأمريكي المعروف أنها الموكل إليها جمع المعلومات لحساب
أجهزة المخابرات الأمريكية المختلفة عن طريق مراقبة أنظمة الاتصالات
المختلفة وتحليلها ومقرها في «فورت ميداي» بولاية ميريلاند الأمريكية حيث
يتواجد ثاني أكبر مركز تنصت وتجسس إلكتروني بالعالم بعد مركز التجسس
والتنصت البريطاني في «شلتنهايم جي سي اتش كيو» بينما يأتي مركز التنصت
والتجسس الإسرائيلي علي الحدود المصرية للوحدة 8200 الثالث من حيث الخطورة
في العمليات.
ومسجل في تاريخ العمليات الإسرائيلية أن الوحدة 8200
تنصتت في مساء 5 يونيو 67 علي مكالمة شهيرة بين الرئيس الراحل جمال عبد
الناصر والملك حسين بن طلال عاهل الأردن ، كما تنصتت علي مكالمة الرئيس
المخلوع والرئيس الفلسطيني ياسر عرفات مع السفينة المخطوفة «أكيلي لاورو»
التي رست في 17 أكتوبر 1985 بميناء بورسعيد ، كما تنصتت يوم 26 يونيو 1995
علي محادثات الهاتف بين طائرة الرئيس المخلوع والقاهرة خلال رحلة عودتها من
أديس أبابا عقب فشل عملية اغتيال مبارك ولذلك فتنصت الوحدة علي الشبكات
المصرية لا جدال عليه.
أما المدير التنفيذي الأهم لناروس حاليا
«جورج أوسلان» فيؤكد عبر المتحدثة باسم الشركة «كاثلين شاناهان» أن علاقة
«ناروس» مع الموساد كانت في الماضي وأن المشكلة هي أن الشركة تأسست في عام
1997 بواسطة طاقم مصممين ومهندسين إسرائيليين من الوحدة 8200 بالموساد
لكنها حاليا أمريكية مؤكدة أن الشركة بعد أن باعت النظام إلي مصر لا تتدخل
نهائيا في المراقبات ولا يمكن لمهندسيها التدخل في أي نشاط مصري إلا في
حدود الصيانة طبقا للتعاقد مع الحكومة المصرية.
الخطر واضح والنظام
الذي يتنصت علي الاتصالات في مصر حاليا إسرائيلي بكل المقاييس حتي مجلة
«لوموند ديبلوماتيك» حذرت في عددها الصادر في 5 سبتمبر 2010 من عمليات
التنصت التي تقوم بها الوحدة الإسرائيلية 8200 وخبراؤها ضد مصر وهي ذات
المعلومة التي كتبها في عام 1996 «نيك هاجار» الصحفي النيوزيلاندي المتخصص
في الشئون الأمنية.
في 21 يناير 2008 أطلقت إسرائيل ثاني قمر صناعي
لها للتجسس بعد 11 قمرا سبقت ذلك الأخير العامل إلي اليوم بالمنطقة وفي 11
ديسمبر 2011 أطلقت إسرائيل القمر عاموس 5 وفي المرتين تنشر وسائل الإعلام
الإسرائيلية المختلفة مؤكدة أن تلك الأقمار تلتقط وتبث محادثات الهواتف
النقالة في الدول المجاورة لإسرائيل ومنها مصر بالقطع.
أما «أمنون
هراري» الذي تولي في 4 أكتوبر 2011 منصب قائد سلاح حرب الفضاء والأقمار
الصناعية الإسرائيلية فلم يخف يوم تعيينه مراقبة إسرائيل لكل ما يجري من
حولها سواء علي الأرض أو من خلال التنصت علي شبكات الاتصالات العربية
المنتشرة حول الدولة الإسرائيلية ومنها المصرية.
علي ما يبدو نحن
نبحث عن الخطر لدي الطرف الخطأ ففي صباح الأربعاء الموافق 14 ديسمبر 2011
رفع المحامي المصري «نبيه الوحش» دعوي قضائية أمام محكمة القضاء الإداري
برقم 12772 ضد كل من وزير الداخلية بصفته ورئيس الوزراء بصفته ورجل الأعمال
المصري المهندس «نجيب ساويرس» بشخصه مطالبا فيها بإسقاط الجنسية عن نجيب
ساويرس لتعمده طبقا للدعوي تعريض الأمن القومي المصري للخطر بأن قام بإنشاء
7 هوائيات تقوية إشارات لشركة موبينيل للمحمول في منطقة العوجة علي الحدود
المصرية الإسرائيلية موصلا بذلك إشارات الشركة المصرية للأراضي
الإسرائيلية بعمق تقديري من 10 إلي 25 كيلومترا طبقا لما كشفته تحقيقات
نيابة أمن الدولة العليا مع الجاسوس الأردني الجنسية «بشار أبو زيد» المتهم
بالتجسس لحساب إسرائيل في القضية رقم 2011/146 حصر أمن الدولة العليا.
الحقيقية
علي بعد أقل من 20 كيلومترا من الحدود المصرية مع إسرائيل يقبع مركز
الوحدة 8200 لاستقبال المكالمات اللاسلكية والهاتفية المصرية بجوار كيبوتس
«أوريم» بصحراء النقب داخل مركز عسكري عملاق لا يمكن لأحد الاقتراب منه أو
تصويره والمار بالمكان يمكنه رؤية أجهزة الرصد والكاميرات الحديثة و30 طبقا
عملاقا كلها موجهة ناحية الحدود المصرية تلتقط علي مدار الثواني وليس
الدقائق أو الساعات كل ما يمكن لإسرائيل التقاطه من اشارات الشبكات المصرية
المختلفة وليس فقط موبينيل.
في الوقت الذي لا يوجد فيه قانون مصري
أو تعليمات تمنع شراء الإسرائيليين في مصر لكروت خطوط خدمات شركات المحمول
المصرية الثلاث سواء بشكل رسمي أو حتي عن طريق شراء خطوط بلا بيانات نجد
أن أرقام هيئة الاتصالات الإسرائيلية الأخيرة تشير لوجود 2439 خط تليفون
محمول مصريا عاملة داخل إسرائيل بينما يوجد أكثر من 5000 خط مصري في قطاع
غزة وتباع كروت الشحن المصرية في رام الله بالمحال بشكل عادي.
ومن
واقع بيانات شبكات المحمول المصرية الثلاث نجدها كلها تنقل دون تعمد هندسي
منها الإشارة الخاصة بخدماتها إلي ما يقرب من 25 كيلومترا داخل الأراضي
الإسرائيلية تزيد كلما كانت الأرض مستوية لأن الزعم أن محطة هوائي التقوية
تبث في اتجاه ولا تبث في باقي الاتجاهات كما جاء في التقارير الأخيرة بمصر
أمر مخالف للحقائق العلمية.
فالهوائي يبث إشاراته في كل الاتجاهات
داخل الدائرة التي يقع فيها فهوائيات الشركات المصرية الثلاث في رفح
المصرية والعريش تغطي مثلا معظم أراضي قطاع غزة علما أن طول غزة هو 41
كيلومترا وعرضها هو 15.5 كيلو متر بما يعني أن البث اللاسلكي لشبكات
المحمول المصرية يستقبل في إسرائيل بشكل عادي.
ومن يبحث في
البيانات والكتيبات السياحية سواء في مصر أو في إسرائيل سيجد فقرات كاملة
تشرح للسائح المتردد علي الدولتين أيا كانت جنسيته أن أنظمة التليفونات
المحمولة الثلاث في مصر تعمل داخل إسرائيل بينما شبكات المحمول الإسرائيلية
التسع تعمل في كل مصر شريطة أن يكون النظام المعمول به في نقل الإشارات في
الجهاز المحمول (الموبايل) هو نظام «جي إس إم» (جلوبال سيستيم فور موبايل
كوميونيكيشن) وهو ما يكشف عن وجود اتفاقيات سرية بين مصر وإسرائيل في
الاتصالات لم تنشر بعد.
المثير أن الكتيبات السياحية وكتيبات خدمات
شركات المحمول في إسرائيل تكشف دون أسرار أن التليفون المحمول الإسرائيلي
يعمل بشكل طبيعي حتي مدينة شرم الشيخ المصرية دون الحاجة لطلب توفير خدمة
جوال دولي من الشركات الإسرائيلية بل إن العاملين الإسرائيليين بمجال
السياحة علي الجانب المصري في طابا يستخدمون في اتصالاتهم خدمة شركات
المحمول الإسرائيلية دون رسوم إضافية.
أما شبكات تقوية الإشارة
الإسرائيلية طبقا لبيانات شبكات الاتصالات الإسرائيلية فمنتشرة علي الحدود
المجاورة للعمق المصري علما أن شبكات التليفون المحمول الإسرائيلي عملت
داخل سيناء حتي قبل أن تبدأ مصر في تطبيق إتاحة خدمات المحمول لمواطنيها.
إذن
المشكلة علمية وأمنية بحتة وليست في وجود شبكات تقوية للإشارات تابعة
لشركة مصرية أو أخري علي الحدود بل هي في الأصل مشكلة تأمين لخدمات المحمول
المصرية وهو ما علمنا أنه لا يمكن نهائيا من الناحية العملية.
فالاتصالات
العادية التي نعرفها للتليفون المحمول بغض النظر عن الشركة التي تقدم
خدماتها تتنصت إسرائيل ومصر أيضا عليها دون مشاكل وإلا لما كانت هناك
تليفونات حكومية خاصة مشفرة لأغراض الاتصالات الآمنة ولدي كل شركة محمول
بمصر قوائم رسمية بتلك الخطوط ولها نظام إتصالات خاص بها.
هندسيا
وفي الخلفية هناك نظام إسرائيلي للتنصت عامل في قلب الشبكة المصرية وعلي
الحدود يعد ثالث أكبر مراكز العالم للتنصت والتجسس علي الشبكات الهاتفية
بأنواعها فإن تأمين خدمة الاتصال التليفوني اللاسلكي للمحمول في مصر لا
يمكن إلا باستخدام برامج تشفير المكالمات ومبدأيا لتأمين خط التليفون يجب
أن يتم تحميل برنامج التشفير علي طرفي المحادثة أي إذا كان (أ) و(ب) يريدان
تأمين المحادثات بينهما فإن خبير الاتصالات يقوم أولا بتحميل إلكتروني
عادي لأحد برامج تشفير المحمول المتواجدة حاليا بعدة أنواع وكفاءات مختلفة
أسواق العالم بعدها تصبح المحادثة مشفرة لا يمكن تسجيلها أو التنصت عليها
من أي طرف.
الغريب أنه حتي لو كان التليفون مشفراً من جهتك في حين
أن الطرف الآخر لا يملك نفس البرنامج محملا وفاعلا علي تليفونه المحمول فإن
المكالمة تصبح أيضا مكشوفة ومن السهل للغاية التنصت عليها وتسجيلها.
أما
من يفكر في الهرب عن طريق استخدام الكمبيوتر في إجراء مكالمات مشفرة فسيقع
داخل نظام «ناروس» العامل كما يجرم القانون المصري وكل قوانين الأمن
القومي المصري المتفرعة عملية تشفير المكالمات التي تستخدم الـ24 بورت
بطريقة تجارية وهي المعروفة باسم «يوزر داتاجرام بروتوكول» وهو نظام ناقل
الصوت والبيانات عبر استخدامات الكمبيوتر.
وفي الأحد 18 ديسمبر
2011 نشر موقع جيش الدفاع الإسرائيلي خبرا يكشف أن إسرائيل تبني مركزا
لشبكة كمبيوتر عملاقة ستتيح تجميع وتحليل ملايين المحادثات التليفونية
والبيانات الإلكترونية علي مدار الـ24 ساعة وأن ذلك المركز سيتيح التنصت
والتجسس علي الشبكات المعادية في الدول المحيطة بإسرائيل والمفاجأة أنه
سيستخدم «ناروس».
من كل المعلومات ودون تجن علي شركات المحمول
المصرية الثلاث فإنها جميعا تقدم خدمة مكشوفة غير مؤمنة علميا من اليسير
اختراقها لو وجدت التقنية اللازمة مثل نظام «ناروس» العامل حاليا في مصر
بينما هناك دولة علي حدودنا اسمها إسرائيل لا تخفي بل تعلن وتتباهي في كل
المناسبات أنها تتنصت علي اتصالاتنا بشكل روتيني.