اللواء سيف اليزل: إسرائيل أمدت جنوب
السودان بالسلاح والخبراء العسكريين
حوار أجراه ـ عبد الله الحاج
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] يبدو
أن تقسيم السودان أصبح قاب قوسين أو أدني، وبدأ الساسة العرب ـ علي ما
يبدو ـ يتعاملون مع مسألة انفصال جنوب السودان عن شماله كأمر مسلم به.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] لكن
هناك قلة من الخبراء العرب يشعرون بقلق من تردي الأحوال وتداخل عوامل
إستراتيجية قد تضر بأمن المنطقة وتدخلها في أقوي مجموعة من الصراعات التي
تنعكس سلبا علي مجمل أوضاع الأن القومي العربي. من هؤلاء الخبير الاستراتيجي اللواء سامح سيف اليزل الذي تحدث عن الكثير من المخاوف التي تعتلج في صدور الكثير من العرب *
لا شك ان تعرض دولة عربية كالسودان للتقسيم في القرن الـ 21 سيلقي
بتداعياته علي منظومة الأمن العربي بصفة عامة، كيف تنظر الي الواقع
الاستراتيجي الذي سيعكسه هذا التقسيم والانفصال علي أمن العرب؟ ـ اعتقد ان
انفصال جنوب السودان سيؤثر علي الأمن العربي بشكل كبير من عدة أوجه أولها
ان التعاون الاسرائيلي مع جنوب السودان ليس وليد اليوم لكنه منذ فترة
طويلة، حتي أن إسرائيل كانت ساعدت جون قرنق في تدريبات قواته وإمداده
بالدعم العسكري والذخائر وبالخبراء في أثناء العمليات العسكرية ضد قوات
الشمال، وهذه كانت احدي الاسباب القوية لصمود قرنق أمام هجمات القوات
الشمالية. بل ان اسرائيل كانت تشجع فكرة الانفصال في عقل ووجدان جون قرنق
بهدف تثبيت الوضع الاسرائيلي في جنوب السودان، ومحاولة كسر العمق
الاستراتيجي المصري في الناحية الجنوبية. إذن خططت اسرائيل لذلك، وكان لها
تأثير واضح في التخطيط لإتفاقية «نيفاشا» وكانت من أهم المدافعين لعملية
حق الاستفتاء وحق التصويت علي عملية الانفصال التي نشهدها حاليا. بالتالي
«الصراع» الذي ستشهده المنطقة وخاصة «مصر» هو عملية انفصال جنوب السودان
والتواجد الاسرائيلي الواسع هناك. * وماذا عن التواجد الاسرائيلي المبكر في الجنوب، هل ترصدونه؟ تصورنا
الشخصي بالنسبة للعلاقات الدبلوماسية بين جنوب السودان واسرائيل ستكون
قريبة جدا من حيث تبادل السفراء بين الجانبين والسفارات، بل نتوقع ان
اسرائيل ستدخل مباشرة وبسرعة للنواحي الاقتصادية الجنوبية خاصة في الزراعة
والمياه وبالتالي نتوقع انها ستعطي الاستثمار الزراعي والاقتصادي أهمية
كبيرة في الجنوب.* ماذا يستدعي الامر إذن من مصر إزاء جيران الجنوب لحماية مصالحها؟ ـ
الواضح ان مصر تولي إهتماما كبيرا جدا لجنوب السودان، وان الخطة المصرية
للفترة القادمة هي تكثيف العمل مع حكومة جنوب السودان الجديدة سواء في
المجال التعليمي والطبي. وانا أعلم ان بعض كبار المستثمرين المصريين قد
وصلوا بالفعل الي جنوب السودان وبدأوا بالفعل في العمل الاستثماري. نري
انقسامات جديدة في السودان مع هذا الغليان الذي نشاهده في معظم أجزائه. كما
نعلم أن هناك بعض القلاقل في دار فور في منطقة النيل الأزرق وشرق السودان
بما إشتعل خلال الفترة القادمة، والأمر الخطير ان دارفور بدأت تنادي
بإتفاقية مثل اتفاقية «نيفاشا» وحق تقرير المصير وحكومة مركزية واقتسام
الثروة. بالتالي سيشاهد الشمال المزيد من المشاكل الأخري* وما هو الحل في رأيك؟ـ
الحل يكمن في ضرورة أن تشارك عناصر من تلك الحركات في الحكومة السودانية،
وضرورة اطلاق مشاريع تنموية كبيرة في هذه المناطق التي تعاني من الفقر
والشح في الموارد ومن سوء ادارة. وهناك اقتسام الثروة وإعطاؤهم جزءا من
الثروات الطبيعية الكامنة في مناطقهم بصور مختلفة ما بين إستثمار أو إقامة
مشاريع بني تحتية، وبالتالي سيرضي هذا الناس.* ما تأثيرات اطلاق دولة جنوب السودان علي أعالي النيل والمنابع وموضوع حصص دول الحوض؟ ـ
حكومة الجنوب لم تطلب حصة مياه جديدة من الشمال، وحتي الأن فإن ما تم
توقيعه من إتفاقيات مائية بين الجانبين ينص على16،5مليارمترمكعب مياه
وبالطبيعي أن السودان ككل لا يستغل هذه الكمية بل هناك فائض مياه وبالتالي
فإن اقتسام المياه ما بين الشمال والجنوب متي ما طرحت هي فكرة مقبولة من
الجانبين.* وبالنسبة لأثيوبيا.. هل ممكن أن تلعب علي وتر المياه في جنوب السودان ضد مصر؟ ـ
أثيوبيا تعلم تماما ان المياه بالنسبة لمصر موضوع حيوي وأساسي وأتصور ان
اثيوبيا ستكون أعقل ان تثير غضب مصر في هذا الموضوع بالذات، وذلك ان
اثيوبيا لديها مصادر أخري للمياه كالأمطار الغزيرة ..لكن مصر ليس عندها إلا
«نهر النيل» وأتصور أنه كما قلت فإنهم سيكونون أعقل من إثارة هذا الموضوع .
* هل هناك أمل في تعاون ثلاثي مصري شمال جنوبي سوداني يكون أكثر ثقة من الوضع الحالي؟ـ
خبرتنا مع السودان منذ الاستقلال السوداني في عام 1956 هي ان العلاقات
المصرية ـ السودانية تمر بمنحنيات صعود وهبوط، منحني يصل الي الذروة وتكون
العلاقات في أحسن حال، ثم منحني تهبط معه العلاقات وتقع مشاكل بين
الجانبين، مثلما فعل السودان ضد المصالح المصرية. انما علي مر التاريخ فإن
السودان عندما يحتاج المعونة السياسية فإن مصر سرعان ما تقف مع السودان
وتدعمه أمام المحافل الدولية والاقليمية، والمساندة المصرية للسودان متوفرة
بعيدا عن مدي حميمية العلاقات، هذا ما يقوله التاريخ وأهل السودان يعلمون
دائما أن مصر لن تتخلي عنهم لأسباب سياسية وإجتماعية وإستراتيجية. وأنا
أتصور أنه يتعين علي حكومة السودان خلال الفترة القادمة ترتيب علاقاتها مع
مصر عقب انفصال الجنوب والمطلوب ان تشهد العلاقات السودانية ـ المصرية قفزة
خاصة بعض القلاقل التي تهدد السودان خلال الفترة القادمة سواء من ناحية
دارفور أو غيرها. ملف السودان