صناعة الأسلحة في مصر تعتمد على الولايات المتحدة
كان دور واشنطن في تسليح مصر وتعزيز صناعتها الدفاعية على مدى العقود الثلاثة الماضية عاملاً رئيسياً في تحديد كيفية تعامل الجيش مع الإطاحة بالرئيس المصري حسني مبارك في وقت سابق من هذا الشهر.
وتُعتبر صناعة الأسلحة في مصر الأقدم والأوسع والأكثر تقدماً من الناحية التكنولوجية في العالم العربي. ويتم تمويل المؤسسة العسكرية التي تملك حصصاً اقتصادية كبيرة، من خلال مساعدات عسكرية أميركية سنوية بقيمة 1.3 مليار دولار.
إذاً يرجّح أن يسعى الجنرالات الذين هم في السلطة في القاهرة، حتى تشكيل حكومة جديدة، إلى ضمان استمرار رضا الأميركيين من خلال اتّباع خط واشنطن.
وتعطي حقيقة أن القوات المسلحة المصرية التي تشمل 500 ألف فرد بالزي العسكري، والعدد نفسه تقريباً من الاحتياط، مجهزة بنظم تسلح أميركية، تعطي واشنطن نفوذاً كبيراً على الجيش المصري وغيره من المؤسسات المهمة. وبدا هذا الأمر واضحاً في الأسابيع الأخيرة.
وكان رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الأميرال مايك مولين، قال خلال زيارة الى الشرق الأوسط، "لدينا علاقة قوية جداً مع الجيش المصري. وما زلنا على اتصال وثيق جداً مع نظرائنا في الجيش المصري... أعتقد أنهم عالجوا الوضع بشكل جيد جداً".
وطمأن قادة الجيش المصري إسرائيل بأن معاهدة السلام التاريخية بينهما الموقعة في آذار/ مارس 1979، ستبقى على حالها على الرغم من الاضطراب السياسي وسقوط الرئيس حسني مبارك الذي حافظ على المعاهدة طوال مدة حكمه الذي دام 30 عاماً، على الرغم من المعارضة الداخلية لها.
والمعاهدة هي حجر الزاوية لاستراتيجية الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، لا سيما في الموجة الحالية من الاضطرابات السياسية التي تجتاح العالم العربي.
ومنذ توقيع معاهدة كامب ديفيد في الولايات المتحدة، تلقت مصر ما يقارب 36 مليار دولار من المساعدات العسكرية، ما جعل هذا البلد ثاني أكبر متلق لمساعدات من هذا القبيل بعد إسرائيل.
وبحسب مجموعة "جَينْز" للمعلومات تشكّل المساعدات العسكرية الأميركية ثلث ميزانية الدفاع في مصر التي تبلغ حوالي 5 مليارات دولار، فيما يُقدر آخرون بأنها أكبر من ذلك بأربع أو خمس مرات.
وسيكره الجنرالات في القاهرة أن تتضاءل المساعدات العسكرية الأميركية. وهو حال القطاع الدفاعي الأميركي، والذي يعتمد في أيام التخفيضات الاقتصادية هذه، على المبيعات الأجنبية للحفاظ على خطوط الإنتاج وتطوير نظم جديدة.
يجب أن تُـنفق الأموال الأميركية على معدات وخدمات أميركية، وبالتالي تصبح مصدر دعم فعال للشركات الأميركية. فشركات "لوكهيد مارتن" و"بوينغ" و"جنرال إلكتريك" و"رايثيون" و"جنرال دايناميكس" وبي ايه إي سيستمز" تقيم صفقات تجارية كبرى مع القاهرة من خلال بيع طائرات مقاتلة ودبابات وأجهزة رادار ومدفعية وغيرها من المعدات إلى مصر.
وعام 2010، دُفع لشركة لوكهيد 213 مليون دولار لقاء دفعة جديدة من 20 طائرة "أف-16" لسلاح الجو المصري الذي يملك حوالي 180 من المقاتلات الأميركية، وهذا يجعل مصر رابع أكبر مشغّل لمقاتلات أف-16.
حققت شركة لوكهيد مارتن أرباحاً تقدّر بـ3.8 مليار دولار من بيع طائرات "أف-16" ومبيعات أخرى إلى مصر، فيما كسبت شركة بوينغ التي تبيع القاهرة مروحيات نقل من طراز "شينوك – 47" ما يُقدر بـ1.7 مليار دولار.
ونالت "جنرال دايناميكس لاند" 2.5 مليار دولار من خلال حصولها على ترخيص لتصنيع مدرعات "أبرامز أم 1 أي 1" المدرعات القتالية الرئيسية في مصر.
وتقول جينز أن الصناعة الدفاعية في مصر "مدعومة بشكل غير مباشر من التمويل الأميركي".
تعود جذور الصناعة العسكرية المصرية إلى عام 1820 عندما أنشأ الحاكم محمد علي باشا، لأول مرة، عدداً من المصانع لإنتاج الأسلحة الصغيرة والمدفعية والذخيرة والسفن الحربية.
وبعد ذلك دخلت هذه الصناعة في حالة تراجع طويل، قبل أن يتم إحياؤها في ستينيات القرن الماضي في ظل حكم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر الذي أطلق برامج طموحة، لكنها لم تكن ناجحة في نهاية المطاف، لبناء طائرات قاذفة للقنابل وصواريخ بعيدة المدى بمساعدة علماء ألمان بنوا لأدولف هتلر صواريخ من طرازي "في 1" و"في 2".
وفي نيسان/ أبريل 1975، أنشأ المصريون الهيئة العربية للتصنيع مع دول عربية أخرى لإنتاج الأسلحة والمعدات العسكرية الأخرى. ولم يدم هذا المشروع طويلاً، لكنه عزز مسيرة مصر لبناء معدات عسكرية خاصة بها. وفي أعقاب حرب 1973 مع إسرائيل، وسّع النظام في القاهرة نطاق تلك الصناعة.
وعندما ابتعدت مصر عن السوفيات في مطلع سبعينيات القرن الماضي واتجهت نحو الأميركيين، إنطلقت الصناعة الدفاعية المصرية وقامت ببناء أسلحة أميركية بموجب تراخيص، وتصديرها إلى دول المنطقة.
وقد تم إنتاج أكثر من 1000 دبابة من نوع أبرامز في مصانع في ضواحي القاهرة.
في المقابل، قامت الشركات المملوكة للدولة التي يسيطر عليها الجيش والهيئة الوطنية للإنتاج الحربي بتصنيع الأسلحة الخفيفة والذخائر لجميع الأسلحة والمدفعية والصواريخ ومعدات الاتصالات.
http://www.sdarabia.com/preview_news.php?id=21552&cat=1