- التسلح المصري
وتبدي دوائر إسرائيلية رسميًّة قلقها من استمرار الدعم الأمريكي للقدرات العسكرية المصرية وعقد صفقات أسلحة جديدة لمصر، حيث تعمل المنظمات الصهيونية في واشنطن على التأثير في تمرير هذه الصفقات لمصر، والمعروف أن مصر تتلقى مساعدة أمريكية قيمتها 2.3 مليار دولار يخصص منها 1.3 مليار دولار أمريكي للحصول على العتاد العسكري.
ويدعم من إدراك إسرائيل للمخاطر المصرية على أمنها القومي رصدها لتصريحات وتعليقات المسئولين العسكريين المصريين- وعلى رأسها تصريحات وزير الدفاع المشير حسين طنطاوي- بأن مصر تخطط بالفعل لتدريبات هجومية على إسرائيل، وأنها تسعى لبناء مقدراتها العسكرية وفقا لمصالحها وإستراتيجيتها الأمنية في المقام الأول.
وكان قمة الهواجس التي انتابت إسرائيل رد فعلها الرسمي على المناورات العسكرية الضخمة التي يجريها الجيش المصري، وكان أخطرها في الآونة الأخيرة بدر-3 تلك المناورة التي وصفها وزير الدفاع المصري بأنها مناورة سيتم فيها التدريب على معركة دفاعية في مواجهة عدو يقع في شمال مصر، ويمتلك قدرة نووية، وقد تمثل رد فعلها برفض أي اتصالات رسمية أو غير رسمية تبحث مستقبل أسلحة إسرائيل التقليدية وفوق التقليدية معتبرة أن امتلاكها للسلاح النووي قمة اختياراتها للحافظ على أمنها القومي.
وقد جاء في تقرير الاستخبارات العسكرية "أمان" عن تزايد قوة مصر العسكرية للعام 98-1999 أنه "بينما لم يتطرق المصريون في تدريباتهم التي أجريت في الماضي إلى سلاح الطيران الإسرائيلي، مكتفين بالتطرق إلى عدو مجهول الهوية، فإن التقرير يوضح أن العامين الماضيين شهدا تطرقًا صريحًا ومباشرًا لإسرائيل وخطورتها على الأمن القومي العربي، وأن مصر تتبنى إستراتيجية مواجهة إسرائيل في ظل امتلاكها لأسلحة الدمار الشامل".
والملاحظ أنه يوجد مركزان في إسرائيل يرصدان القوة العسكرية لمصر الأول مركز "أريئيل" المعبر عن فكر اليمين الإسرائيلي، والثاني مركز "جافي" للبحوث الإستراتيجية التابع لجامعة تل أبيب. وقد أعد الباحث "شون بين" من مركز جافي بحثًا بعنوان كم تنفق مصر على الإعداد للحرب؟ واستشهد في خلاصة دراسته التي أعدها عام 1999 بمقولة للورد "أينسكيب" كان قد ذكرها في عام 1936 إثر انتهاك هتلر لاتفاقيات فرساي:" "لماذا يحتفظون وبجدية بنصف مليون جندي؟! إن اتفاقيات فرساي تسمح لهم بالاحتفاظ فقط بـ 100 ألف جندي"! أما الخبير العسكري "يفتاح شابير" من مركز "جافي" أيضًا فيشير إلى أن مصر حصلت على مفاعل نووي من الأرجنتين، وبصرف النظر عن استخدامه فهو مفاعل متكامل بمعنى الكلمة، كما أن مصر- بحد تعبيره- امتلكت صواريخ من طراز "إسكود سي" التي يتراوح مداها بين 400كم –500 كم فلمن توجه إذن؟
ويرى المحللون العسكريون في إسرائيل أن مصر تبني وعلى المدى البعيد جيشًا حديثًا، فسلاح الطيران المصري مميز ومعد إعدادًا إستراتيجيًّا، ومعدات القتال والمدفعية التي تملكها مصر متقدمة للغاية وفقًا للمنشور والمعلن في تقرير مؤسسة "راند" للتوازن العسكري لعام 1999. وبالرغم من أن مصر لا تنتج أسلحة إستراتيجية فإنها تملك الخبرة والقدرة على التصنيع عندما تريد، وهو الأمر الذي يقلق إسرائيل على المدى الطويل، وبهذا التصور ووفقًا لتحليلات إسرائيلية فإن بنية أفرع الجيش المصري في الوقت الحالي تتسم بكونها بنية هجومية قادرة على ردع إسرائيل والوقوف أمام مخططها العسكري، حيث يبلغ عدد الجنود النظاميين بالجيش المصري 400 ألف جندي والاحتياطي 200 ألف، وبهذا فإن الجيش المصري يأتي لاحقًا للجيش الإسرائيلي من حيث الحجم في المنطقة.
وتسود نغمة داخل الاستخبارات العسكرية "أمان" من الاعتراف بجدية التهديد المصري ومخاطره على الأمن القومي لإسرائيل، وتشكو استمرار تصعيد اللهجة المصرية إزاء إسرائيل بضرورة تخليها الكامل عن السلاح النووي وتحقيق مشروع السلام في المنطقة. ولهذا تطالب "أمان" باستمرار بزيادة قيمة ميزانية الدفاع، وتطوير وتحديث القدرات الإسرائيلية لمواجهة أية تهديدات من قبل الجبهة المصرية.
- سعي مصر لتجريد إسرائيل من سلاحها النووي
فمن وجهة النظر القومية المصرية فإن حيازة إسرائيل للأسلحة النووية تؤثر على توازن القوى في المنطقة، وتحقق بذلك تفوقًا يمكّنها من أن تملي إرادتها على دول المنطقة، ومصر- كما يقول العسكريون الإسرائيليون- لا يمكن أن تقبل ذلك، ويستشهد الإسرائيليون بما كتبه وزير الدفاع المصري السابق المشير أبو غزالة في أحدث مؤلفاته العسكرية من أن إسرائيل سوف تهدد مصر بالحرب في المستقبل؛ ولذلك يجب سلب قدراتها النووية التي تمنحها تفوقًا عسكريًّا جوهريًّا على مصر، وأن ائتلافا عربيا يبدو في مضمونة صحيحا. ويرى الإسرائيليون أن الصراع الذي يخوضه الرئيس مبارك شخصيًّا ضد الخيار النووي الإسرائيلي يشير إلى أن هنالك تغيرًّا في توجه مصر نحو السلام مع إسرائيل، فالأزمة على معاهدة حظر انتشار الأسلحة Npt هي أزمة عميقة، ولن يكون من السهل التغلب عليها ما لم تنضم إسرائيل للمعاهدة أو تبد توجهًا إيجابيًّا إزاءها، إذ لم تعد حجة إسرائيل بضرورة وجود مرحلة انتقالية ما بين حالة الحرب وحالة السلام تبرر احتفاظ إسرائيل بقدراتها النووية مقبولة.
---------------------------------------
حقيقة الخطر المصري
على جانب آخر تحاول إسرائيل الحفاظ على شعرة معاوية واتصالاتها العسكرية مع مصر حول قضايا من نوعية الرقابة على التسلح، وقد عقدت عدة لقاءات شبه رسمية ترأسها ضباط وخبراء إسرائيليون من الوحدات الإستراتيجية التابعة للجيش والاستخبارات وعسكريون مصريون في إطار البحث في الرقابة على الأسلحة الإسرائيلية سواء في لجنة ضبط التسلح التي انبثقت عن مؤتمر مدريد للسلام في الشرق الأوسط أم خارجه، كما تناولت الاتصالات واللقاءات البحث في قضية السلاح النووي الإسرائيلي، وإن لم تعلن تفاصيل هذه اللقاءات لأسباب مفهومة، كما استمرت اللجنة العسكرية المشتركة تؤدي مهامها، حيث تجتمع مرة كل أربعة شهور بين البلدين، وبالتناوب في القاهرة وهرتسليا وفقًا لما قررته معاهدة السلام.
وتعقب الجهات الرسمية في إسرائيل على ما يتردد من مخاطر مصرية على الأمن القومي الإسرائيلي بأن مثل هذه المواقف التي يبديها العسكريون تحمل في طياتها مصالح وحسابات جهات معينة داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية ذاتها، تبحث عن مصالحها وتحقيق أهدافها من كثرة إطلاق التحذيرات من قوة مصر العسكرية…. ويذكر ثالث سفير لإسرائيل في مصر شمعون شامير تفسيرًا آخر لذلك وهو أن البعض لا يحبذ السلام مع مصر لإحساسه أن هذا السلام يلزمه التوصل إلى سلام مع سائر الدول العربية والتنازل عن الجولان، ويؤكد أن المصريين لن يحاربوا من جديد، وأن حرب 1973 هي بالفعل "آخر الحروب" دون أن ينفي مسعى قطاعات شبابية مصرية لمواجهة إسرائيل بالقوة ومسعاها لتملك مصر لسلاح نووي في مواجهة الدولة العبرية.
http://www.islamonline.net/iol-arabic/dowalia/